رئيس التحرير
عصام كامل

رمضان شبرا.. أرقام وزير النقل متضاربة


كل عام والمصريين ومصر والإنسانية بخير، مع بشائر شهر رمضان وبدايته كل عام، هناك عدد من الموضوعات تطاردني للكتابة فيها، أهمها رمضان في شبرا، وأعتقد الذي لم يعش رمضان في شوارع شبرا وحواريها فقد فاته الكثير خاصة قبل السبعينيات، ففي الستينيات شاهدت صورًا لم أفهمها إلا في شبابي، الزينات تقطع الحواري والشوارع، وهي عبارة عن فوانيس كبيرة وصلبان كبيرة وهلال وتجسيم لمساجد، وكلها من الورق الملون ومضاءة.


كل هذا يتعانق ويرسم لوحة تعبر عن مصر الحضارة والتاريخ، من علق الصلبان والفوانيس والهلال؟ المصريون، الصليب على بلكونة مسلم، والفانوس على شباك المسيحي، لا يهم لأننا كنا مصريين بحق، أشهر بائع فول في رمضان هو عم لمعي، وأشهر مخبز عم عطية، وأشهر بقال عم عبده -(عبد الحميد)-، في الليل كنا في حارة علاء الدين أطفالاً نجري هنا وهناك، وعندما يأتي صوت فؤاد المهندس وعبد المنعم إبراهيم _(طبعًا عرفنا الأسماء عندما كبرنا)- وهما يتحدثان في مقدمة المسلسل الأشهر في الستينيات "موهوب وسلامة"، كنا نجري إلى محل عم عوض الله الحلاق الذي لديه راديو كبير الحجم وعالي الصوت، نحاول أن نسمع مثل الكبار.

أحلى أيام رمضانية يعيشها المصري في شبرا مصر، خاصة في الستينيات؛ لأن السبعينيات كانت سنوات صعبة بسبب رؤية سياسية خاطئة غبية، سببت شرخًا في صلب الشخصية المصرية ولكن وقفت شبرا معبرة بحق عن تاريخ الشخصية المصرية، فلم يحدث مجرد شجار بين المصريين فيها؛ ولذلك أرى من يريد أن يتعرف الشخصية المصرية، فعليه أن يعيش في شبرا مصر، في شارع ابن الرشيد، وجزيرة بدران، وأحمد باشا كمال، ومراد قطب، وحكر عزت، وإسكندر حنا، والبعثة، وشيكولاني، والدوران... إلخ، شبرا لها عبق تاريخي مختلف عن كل مصر، بحبك يا شبرا.

الأمر الثاني الذي فرض نفسه على الشارع المصري، وهو قرار رفع ثمن تذكرة المترو بشكل أحدث زلزالاً في الشارع المصري، خاصة أنه يخدم خمسة ملايين في اليوم، أي أنه خدمة للقاهرة الكبرى التي أصبح سكانها 25 مليون نسمة، بل والقادمين لقضاء احتياجاتهم في القاهرة، التي يدخلها يوميًّا ويعودون لمحافظاتهم من 2 إلى 4 ملايين يوميًّا، ومن ثم ترجع أهمية المترو لدوره المهم الذي يقدمه للملايين يوميًّا من الموطنين، وإذا كان وزير النقل يمارس استفزاز المواطن بتصريحاته، فإن كل من تحدث من الوزارة والهيئة يستفزون المواطن أكثر وأكثر .

وقبل أن نتعرض لهذه التصريحات، ألا يدرك المسئولون أن تنفيذ قرار تحت إرهاب احتلال الشرطة محطات المترو سابقة لم تحدث في تاريخ مصر؟ منظر الشرطي المسكين وهو يحمل بندقيته يدمي القلب، هؤلاء الذين يدفعون عنا الإرهاب والتصدي لأعداء الوطن جاؤوا بهم لحماية قرار جائر بكل المقاييس، لو أن الحكومة تدرك أن القرار طبيعي ما كانت أرسلت قوات الشرطة لتحتل محطات المترو.

لو القرار طبيعي ما حدث أن جميع المسئولين يحاولون تبريره ويا لها من كارثة! كلما حاولوا تبرير المصيبة التي أصابوا بها المواطن، تكون تبريراتهم أكثر استفزازًا للمواطن الذي فقد الثقة تمامًا في كلامهم المتناقض، على سبيل المثال من عدة أشهر أو عدة أسابيع صرح السيد الوزير بأن تذكرة المترو ثمنها عشرة جنيهات وللمواطن بجنيهين، فجأة صرح الوزير الفاشل الأسبوع الماضي أن تكلفتها 16 جنيهًا.

وصرح أن تكلفة اشتراك المعاشات لن تتأثر في حين أن اشتراك المعاش كان 200 جنيه أصبح 540 جنيهًا، لا أريد تكرار ما سبق التحذير منه أو كتابته الأسبوع الماضي، ولكن عندما يتحدث الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي فإنه يكرر الأرقام والأسباب التي تُقدَّم له من فريق العمل سواء رئيس وزراء أو وزراء أو جهات رقابية، وهنا أرى أن الارقام التي ذُكرت في حوار الرئيس مع الشباب غير دقيقة، بل الذي قدمها للرئيس يقصد تضليل الرأي العام، على سبيل المثال تحدث الرئيس عن الخط الأول وهو الخط الذي يزعج السيد وزير النقل، قال إن القرض الذي أنشأ المترو لم يسدد، وأن إيراد المترو لا يكفي مصاريف التشغيل، يكفي هذين المثالين، مترو الأنفاق شُغِّل في احتفالات مصر بانتصار 6 أكتوبر 1987 أي منذ 31 سنة.

كيف لا يتم سداد قرض 31 سنة كاملة؟

نطالب بالتحقيق في هذا التصريح المهم والخطير، ولأنه ليس من المنطقي أن يظل قرض 31 سنة ولا يحاسب كل مسئول عن هذا، ثم كيف لا يكفي الإيراد اليومي للملايين مصاريف التشغيل كما صرح الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي؟ وإذا كان القرض لم يسدد وإيراد المترو لا يكفي مصاريفه فكيف حُسبت الخسائر المترو أنها أكثر من 640 مليونًّا؟

الخسائر هي محصلة إيرادات ومصاريف، هل من مجيب؟ لن يرد علينا أحد، ثم نريد أن نعرف من أين التجديدات التي تحدث في المحطات دائمًا وتغييرات فيها وبناء محطات جديدة مثل حدائق المعادي نموذجًا، وتركيب سلالم كهربائية في محطات كثيرة مثل دار السلام والسيدة زينب، من أين كل هذا إذا كان الإيراد لا يكفي التشغيل والخسائر 640 مليونًا فقط؟

ثم إن هناك اعتماد 31 مليار جنيه لصيانة المترو وتحديثه من الفترة 2003 إلى 2017 -حسب تقرير نشرته الأهرام - أين ذهبت هذه المبالغ؟ مع العلم أن مترو الأنفاق بشهادة العالم المرفق الوحيد الذي لم يتأثر ولم يتوقف أو يتأثر في أثناء مظاهرات 25 يناير أو 30 يونيه وبشهادة العالم كله. 

في النهاية: على مدى عام كامل والوزير المتخصص في رفع ثمن التذاكر -(منذ 13 شهرًا فقط رفع سعر التذكرة بنسبة 100%)- يردد أن مترو الأنفاق يحتاج 20 مليار جنيه وفجأة قفزت العشرين مليار إلى ثلاثين مليار، وكأن المليار عشرة جنيهات مثلاً، كيف أصدقك وأثق فيك وكل كلامك متضارب وكاذب؟

ألست القائل أن الزيادة لن تجعل التذكرة أكثر من خمسة جنيهات؟ ألا تشعر بالعار والناس تتندر على زيادة سعر التذكرة لسبع أضعاف في 13 شهرًا وتدعي أنك رجل اقتصاد؟ وتقول إن التذكرة عندنا أرخص من سويسرا والسويد وألمانيا، ألا تخجل من المقارنة؟ لأن الحد الأدنى لا يمكن مجرد مقارنته، عيب.. عيب اتقِ الله؟

وما زلت أتحدى الوزير أن هناك حلولاً غير سرقة المواطن.

الأمر الثاني أن الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي يقول إن كل الوزراء السابقين طالبوا برفع سعر تذكرة المترو، سيدي الرئيس لأنهم مجرد موظفين ليس منهم مبدع أو عقلية ابتكارية، الأسهل هو سرقة المواطن، ألست أنت الذي وعدت المواطن أنك لن ترفع سعر تذكرة المترو؟ ألست أنت الذي قلت أن تذكرة المترو أمن قومي ولن ترفع ثمنها؟ سبعة أضعاف رقم ضد علم الاقتصاد وضد الأمن القومي وأيضًا ضد الإنسانية.

هل سيادة الرئيس سيُحدَّث المترو في يوم وليلة؟ أيضًا كان يمكن للزيادة أن تتدرج ويمكن تطوير المترو الذي هو بالفعل يتم منذ سنوات بدليل القطارات المكيفة على مدى السنوات الماضية وتجديد المحطات... إلخ.

سيدي أطالبكم بعرض الأرقام التي قدمت لك للتحقق منها من خلال لجان غير حكومية وبإشراف الرقابة الإدارية.. وتحيا مصر بعرق المواطن ودمائه ملح الأرض.
الجريدة الرسمية