رئيس التحرير
عصام كامل

مفاهيم خاطئة وأفكار مسمومة


منذ أن ظهرت الحركة الوهابية التي قادها محمد بن عبد الوهاب، الذي تم تجنيده على يد رجل المخابرات البريطاني مستر همفرد لمحاربة الإسلام وإحداث الفتن بين المسلمين وشق صفهم، وظهرت الأفكار المتشددة المغرضة التي تتنافى مع منهج الإسلام وشريعته السمحاء، بما فيها من سماحة واعتدال ووسطية ورحمة وفضائل ومكارم، ومن المؤسف تم تضليل الكثير من المسلمين وما زال إلى الآن وتم تسميم أفكارهم..


هذا ولقد كان من فكرهم المغرض والمحارب للإسلام باسم الإسلام والتوحيد، تشكيكهم في ثوابت من الدين وكان منها إنكار كرامات الأولياء وفضلهم واتهامهم لمحبيهم، وأهل مودتهم بالشرك والكفر، ولم يقصر الأمر على ذلك بل وصل إلى حد الاعتداء على حرماتهم بهدم الأضرحة التي يرقدون تحتها، هذا وقد قاموا باستباحة الدماء وانتهاك الحرمات تحت مسمى الجهاد في سبيل الله..

هذا ومن أفكارهم المريضة والمغلوطة إنكار التوسل والمدد والتبرك بالأولياء وزيارة مراقد الصالحين وعدم الصلاة في المساجد التي بها أضرحة للأولياء، ولقد حاولوا هدم مرقد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وصاحبيه الصديق والفاروق رضي الله عنهما، لكن الله حال دون ذلك، واعتبارهم كلمة مدد شرك وكفر وهذا الكلام أبعد ما يكون عن الفهم الصحيح لدين الإسلام الحنيف الذي أمرنا أن نأخذ بالأسباب ونتوكل على مسببها سبحانه، وأمرنا بحسن الظن بالعباد ومحبة الأولياء والتبرك بالصالحين وطلب الدعاء منهم..

هذا ومعلوم في عقيدة المسلمين أن الأصل في مصدر العطاء والإمداد هو الله وحده لا شريك له، أخذا بقوله عز وجل: "وما بكم من نعمة فمن الله"، والله تعالى هو العاطي والمعطي والمانع والممسك، وشاء سبحانه أن يجعل لكل شيء سببا وأمرنا أن نأخذ بالأسباب ونتوكل عليه سبحانه ولنعطي بعض الأمثلة والدليل على صحة ذلك، الأرزاق مثلا كلها بيد الله وتقديره وقسمته وهو العاطي والمدد بها وقد جعل سبحانه العمل والسعي لطلبها سببا للإمداد، فهل نترك الأسباب ونقول إنها تدخلنا في دائرة الشرك..

ومثال آخر الشافي هو الله لكنه أمرنا أن نأخذ بأسباب الشفاء والتعافي من خلال توجهنا للطبيب وأخذ الدواء بل وأمرنا أن نشكر الطبيب، لأنه سببا في الشفاء حيث قال تعالى في الحديث القدسي: "لن تشكروني حتى تشكروا من أجريت النعمة على يده"، هذا مع أن النعمة ومن تجري على يده من صنع الله وفضله، هذا وعندما يمر أحدنا بضائقة مادية ويتوجه إلى قريب أو صديق عنده وسعة مالية ويطلب منه أن يمده بالمال هل هذا شرك وكفر..

من هنا يجب أن نفهم أنه عندما نأخذ بالأسباب ونطلب الدعاء من الصالحين ونسأل الله أن يمدنا ببركتهم وسرهم لصلاحهم وقربهم من الله ونتوسل بهم إليه هذا ليس بشرك، إنما هو إقرار بفضلهم وحسن ظن واعتقاد بصلاحهم وتقواهم وعلمنا أن الله يحبهم وهم رحماته في الأرض، وقد جاء في وصف الله عز وجل لمحبته لأوليائه في خطابه لنبيه داود عليه السلام، قوله: "يا داود أولئك الذين إذا ما نظرت إليهم هان على أن أغفر للمذنبين من خلقي إكراما لهم، يا داود بهم تتنزل رحماتي وبهم تمطر سمائي وبهم تنبت أرضي".

هذا وربما يقول قائل، إعمل زيه تبقى زيه، أولا هذا الكلام خطأ لأن الله تعالى لم يجعل اثنين من عباده في الكون في عطاء واحد ولا في درجة واحدة ولله تعالى اجتباءات واصطفاءات من عباده يقول تعالى: "وربك يخلق ما يشاء ويختار"، ومؤكد أن نسب أهل البيت نسب طاهر مطهر وهم أصفياء الله وأحباؤه اصطفاهم الله وطهرهم وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، يقول تعالى: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس آل البيت ويطهركم تطهيرا"..

وخصهم عز وجل بما لم يخص به أحد من خلقه فأنزل عليهم رحمته وبركاته حيث قال تعالى: "رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد"، وجعل سبحانه محبتهم والأدب ومودتهم فرضا على الأمة بأسرها، حيث قال تعالى: "قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا"، وأعتقد أنه بعد اصطفاء الله لهم وثنائه عليهم في قرآنه الخالد يجوز لنا حسن الاعتقاد فيهم والتبرك والتوسل إلى الله بهم..

هذا والتوسل بالصالحين ليس شركا كما يزعمون، ويؤكد ذلك طلب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهو سيد الخلق وأقربهم إلى الله وأحبهم، طلبه من سيدنا عمر بن الخطاب الدعاء له عندما استأذنه في أداء عمرة، قال له، لا تنسانا من دعائك يا عمر، هل أشرك رسول الله وهل سيدنا عمر أقرب إلى الله من النبي، هذا وفي زمن خلافة سيدنا عمر بن الخطاب وفي عام الرمادة الذي قحط فيه الناس لعدم نزول المطر، ماذا صنع سيدنا عمر وهو من المعلوم عنه أنه كان من أشد الصحابة غيرة على الدين والتوحيد، جمع الصحابة.

وقال "والله ما أخذنا الله بالجدب إلا لكثرة معاصينا ثم أخذ بيد سيدنا العباس رضي الله عنه عم النبي، وخرج إلى الخلاء وقال، يارب كنا نتوسل إليك بالنبي وانتقل إلى جورك فأتوسل إليك بعمه العباس أن تمطرنا، فأمطرت السماء في التو، هل أشرك فاروق الأمة الذي قال فيه النبي، يا عمر بك يفرق الله بين الحق والباطل، وقال، لو كان هناك نبي بعدي لكان عمر، وقال، إن من أمتي لملهمين وإن عمر لمنهم..

هذا والأدلة من القرآن والسنة على صحة التبرك والتوسل بالأولياء والصالحين كثيرة، لكن ماذا تصنع لأهل العمى وأصحاب القلوب الغلف، والمغرضين أصحاب النوايا السيئة والمأجورين لمحاربة الإسلام وتشويه صورته والإساءة إليه، يا ناس افهموا دينكم صح أنتم أمة التوحيد وعنكم قال عليه الصلاة والسلام: "لا أخشى عليكم من أن تشركوا بالله من بعدي لكن أخشى ما أخشاه عليكم إذا فتحت عليكم الدنيا وفتنة النساء"، يا سادة الشرك والعياذ بالله أن تجعل مع الله إله آخر وأن تجعل له ندا وشريكا..

هذا ولا شك أن أهل البيت والأولياء والصالحين لهم مكانة ومنزلة وخصوصية عند الله وهم إليه تعالى أقرب بل يجوز التبرك بأثرهم، ألم يرتد بصر سيدنا يعقوب بعد أن أمر يوسف عليه السلام إخوته بإلقاء قميصه على وجه أبيه، وعاد إليه البصر ببركة صلاح وتقوى ومحبة الله لسيدنا يوسف، يا إخوانا اقرأوا القرآن وافهموه صح ولا تأخذوا أحكام دينكم والحلال والحرام ممن لا يفقهون وأعتقد أن رؤوسهم مضللين ومأجورين على هدم الدين والتشكيك في صحيحه والأذناب منهم مضللون ولا يكادون يفقهون حديثا، هدانا الله وإياكم إلى الفهم الصحيح للدين وإلى حسن الاتباع وحب الأولياء والأدب معهم وفي الختام إن أصحاب الفكر الوهابي الداعشي المتعنت والمتشدد يتعمدون الإساءة والتشكيك والتضليل لإفساد الدين والحياة.
الجريدة الرسمية