رئيس التحرير
عصام كامل

زينة رمضان.. «ورق ملون وخيط رفيع بلمسة قبطية»

فيتو

أيام قليلة تفصلنا عن شهر رمضان الكريم وما يحمله من أجواء مليئة بالبهجة والفرحة، لتظل فئة الأطفال هي الأكثر حظا في مثل تلك الأيام، فأجسادهم الصغيرة مشحونة بالطاقة الإيجابية التي يُفرغونها في الأيام القليلة التي تسبق ظهور هلال الشهر الكريم، فيخرجون إلى الشوارع متجهين نحو باعة الزينة، لتبدأ رحلتهم التي تمتد لنحو أربعة أيام في إعداد زينة رمضان، وتهيئة الأجواء لقدوم شهر البركة والعطاء.



وأنهى "محمد" 11 عامًا وأصدقاؤه من أبناء المنطقة، امتحاناتهم مساء الأربعاء قبل الماضي، وهرعوا إلى مصنع إنتاج زينة رمضان عند المدخل الرئيسي للشارع، في يد كل منهم خمسة جنيهات، "إحنا نحو 6 بنلم من بعض ومن الجيران اللي عايزين يعلقوا كل فرد خمسة جنيه علشان يكون معانا فوق الـ100 جنيه ونقدر نشتري أمتار كثيرة من الزينة"، يقول يوسف أكبر المجموعة سنا، وقائدها حتى تنتهي أيام ننصب خيوط الزينة أمام النوافذ والشرفات.


العمل قائم على قدم وساق فوق سطح منزل محمد وعبد الرحمن، المقر الرئيسي لهذه المهمة الأصعب في حياة هؤلاء الصغار، حيث يقوم يوسف بتقسيمهم إلى فرق ومجموعات، كل مجموعة تتولى مهمة بعينها، لتجد اثنين وهما "رامي ورامز" التوءم المسيحي الذي يكون أول الحضور وأكثر المهتمين بضرورة تعليق زينة رمضان قبل حلول الشهر الكريم بأسبوع على الأقل.

يربطان طرف ورق الزينة اللامع ببعضه في خيط "الثعبان" كما أطلقوا عليه، بينما يستمر عبد الرحمن، 8 سنوات، في مواجهة يوسف، 12 عاما، يقطعان شرائح الزينة إلى قطع متساوية.

أما محمد صاحب فكرة وجود الزينة بالشارع من الأساس فيتولى مهمة توجيه الفريق نحو المناطق التي سيتم بها وضع أفرع الزينة.


تتوالى الساعات وتتجه الشمس الساقطة على رءوس الصغار ناحية الغرب.. أكوام من الورق الأحمر والذهبي اللامع تتراص حول رامي ورامز.

الخيط يوشك على النفاد، والفريق الأخير يصعد السلم وينزل مرات عدة، في محاولة لقياس المسافة التي سيتخذها كل طابق، "إحنا بنشتري أمتار كثيرة جدًا ولو تبقى حاجة بنرجعها أو بنخليها للسنة اللي بعدها، لأننا خلاص اتعودنا من نحو 3 سنين أنه لازم تكون فيه زينة في شارعنا وقررنا نكترها السنة دي على قد ما نقدر"، يتحدث محمد.


انتهت مهمة إنتاج أفرع الزينة، تندر الصغار وتعاركوا، ثم جاءت اللحظة الأهم، وهي إقناع سيدات المنزل المكون من ستة طوابق، يمتلكه جد محمد، بضرورة تعليق أفرع الزينة أمام كل نافذة وشرفة، "إحنا بنخلصها وبننزل نستأذن كل شقة نعلقها الزينة، ولأننا كلنا قرايب بيوافقوا"، وبالفعل يمرون على الشقق تباعًا، يعلقون الزينة أمام كل نافذة، ملقين العبارة ذاتها على صاحبتها "بنعلق زينة رمضان يا خالتو كل سنة وإنتي طيبة".


لحظة صمت تتسيد المشهد، والبهجة تكسو أعين الصغار، حتى رامي ورامز اللذين لا يعلما شيئًا عن رمضان سوى أنه صاحب الأيام التي تحمل دائما كل مسببات السعادة، فتجدهم في الجوار مع محمد ويوسف وعبد الرحمن وغيرهم، ممسكين بأفرع الزينة، فرحين بإنجاز المهمة في يومها الأول، "رامي ورامز من أول ما بدأنا نعلق زينة وهما معانا، وكمان بنكون عايزين نخليهم يصوموا معانا"، يعلق محمد ساخرًا.

الجريدة الرسمية