رئيس التحرير
عصام كامل

أسرار الراحة النفسية للمصلين في مسجد السلطان حسن (صور)

فيتو

"إن هذه المدرسة ومئذنتها وقبتها من عجائب الدنيا، وهي أحسن بناء بُني في الإسلام"، عبارة قالها المؤرخ المعروف "ابن تغري بردي"، عن وصفه لمسجد السلطان حسن ومدرسته، أحد المساجد الأثرية الشهيرة بالقاهرة، وأكثر آثار القاهرة تناسقًا وانسجامًا، فقد أنشأه السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون خلال الفترة من 757هـ/1356م إلى 764هـ/1363م خلال حقبة حكم المماليك البحرية لمصر.


يوجد المسجد بميدان صلاح الدين بحي الخليفة بالقاهرة، وبجواره عدة مساجد أثرية مثل: مسجد الرفاعي، ومسجد المحمودية، ومسجد قاني باي الرماح، إذ بُني ليكون جامعًا ومدرسة في ذلك الوقت لتدريس المذاهب الأربعة (الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة).

فالراحة النفسية، التي تشعر بها فور دخولك للممر المؤدي لأعرق جوامع مصر، الذي يعتبر درة العمارة الإسلامية بالشرق، تجعلك بعالم ثانٍ، ولكن من المؤكد أن الأجواء الرمضانية بالمسجد تجعلك أكثر راحة لما يتميز به المسجد عن غيره من حيث التصميم الرائع والزخارف الإسلامية.

رجل خمسيني يقابلك بابتسامته البشوش عندما تطأ قدماك باب مسجد "السلطان الحسن"، هو عم فوزي، خادم المسجد، ذو الـ50 عامًا، يروي تفاصيل الأجواء الروحانية للسلطان حسن برمضان فيقول: "بخدم المسجد من 5 سنين، المسجد مختلف عن باقي المساجد بالشهر الكريم في كل شيء، فنحن نفتح أبواب المسجد منذ الساعة التاسعة صباحًا؛ لأنه مسجد أثري بالأساس، ثم يُغلق عند الثالثة عصرًا، ونفتحه مرة أخرى بعد أذان المغرب، لأداء صلاة العشاء والتراويح".

فوزي يضيف: "في البداية بنستعد لرمضان داخل المسجد قبلها بفترة بتجهيزه، وتنظيفه، وتجميله، وفرش صحن المسجد كله، والتأكد من كفاءة الإضاءة قبل قدوم شهر الخير".

أما عن وصفه للأجواء الروحانية داخل المسجد في رمضان فيقول: "المكان بيبقى زحمة، والأجواء بتبقى جميلة، وكل الناس بتيجي من كل مكان عشان يصلوا فيه؛ لأن الناس لما بتصدق إن الجامع يتفتح، الجامع بتبقى فيه راحة نفسية كبيرة".

ويتابع بابتسامة راضية: "بقالي 20 سنة في خدمة بيوت الله، ومعنديش أي دخل غير الوظيفة دي وأهي ماشية، بنزل البلد كل 4 أيام، وزمان كان الخدام بتيجي لله من غير فلوس، كنت بقبض زمان 70 جنيه أيام ما كانت البلد فيها خير كتير وكانوا باسطني".

بصوت عذب يبدأ المؤذن "عم ربيع"، رفع الأذان بمسجد السلطان حسن، لينبه الجميع بموعد كل صلاة بوقتها، فيحدثنا قليلاً عن المسجد قائلاً: "للجامع مئذنتان أقدمها المئذنة القبلية، التي يبلغ ارتفاعها عن صحن الجامع 81.60 مترًا، أما المئذنة الشمالية البحرية فقد سقطت سنة 1070 هـ- 1654م، وجددها الوالي العثماني إبراهيم باشا سنة 1082هـ- 1671م".

وكما أنه يحيط بالصحن أربع مدارس للمذاهب الأربعة، أكبرها المدرسة الحنفية إذ تبلغ مساحتها 898 مترًا، ويتكون كل منها من يوان وصحن تتوسطه فسقية، ثم طبقات بعضها فوق بعض تشرف على الصحن والوجهات.

وفي نهاية حديثه لنا يؤكد أن مسجد السلطان حسن من أهم الأماكن السياحية التي يتوافد إليها السائحون بمختلف ثقافاتهم في جميع الأوقات، وفي رمضان يأتي المصلي حتى يستريح من هموم الدنيا وما فيها.

الجريدة الرسمية