رئيس التحرير
عصام كامل

تهديد إيران أكبر مقاولات ترامب


الثلاثة كاذبون. إيران تكذب وإسرائيل تكذب وأمريكا تكذب. أمريكا تكذب لأنها استعانت ببيانات قديمة، عرضها بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، أكبر كذاب في العالم، تعود إلى ١٣ عاما ماضية، حول القدرة النووية الإيرانية الوشيكة، وصاحب هذه المعلومة خبير ومسئول أمريكي سابق في المخابرات المركزية الأمريكية..


ونتنياهو كذاب لأنه خدع العالم في عرض مسرحي تباهي فيه بأن الموساد، مخابرات إسرائيل، تمكنت من الوصول إلى قبو سري تحتفظ فيه إيران بالمعلومات والبيانات كافة على سيديهات وملفات، ونجحت الموساد في نقل نسخ كاملة من هذا الأرشيف الإيراني الذي يقع جنوبي طهران عميقا تحت الأرض.

كذاب باع الوهم لكذاب أكبر منه مكانة ونفوذا وقدرة على الأداء المسرحي، وهكذا رأينا رئيس أمريكا يقف في عرض خطابي تمثيلي يقدم الخطر الإيراني الوشيك على أنه ابتزاز لأمريكا وأوروبا والخليج.

بالفعل لا شك أن المشروع النووي الإيراني يمثل خطرا داهما ليس ققط على الخليج العربي، بل على كل المنطقة العربية، لأنه سيخضعها بالإرهاب النووي. سوف تنتقل العمليات الإرهابية من سلاح العبوات الناسفة على يد أفراد أو ذئاب منفردة إلى سلاح نووي في يد روحاني أو خامنئي أو قائد الحرس الثوري قاسم سليماني!

من مصلحة العرب بالقطع دفن هذا المشروع، ومن مصلحة إسرائيل دفن هذا المشروع حتى تصبح هي القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط (لديها أكثر من مائتى راس نووية)، وهكذا وضع الظرف التاريخي العرب وعدوهم التقليدي إسرائيل في صفوف كتيبة واحدة.

القصة وأهدافها لدى ترامب مختلفة كما هي مختلفة لدى إسرائيل، وإن اتفق الأمريكيون والإسرائيليون على أن الهدف الأساسي هو القضاء كلية على البرنامج النووي، بالتزامن مع البرنامج الصاروخي. والمعروف أن إيران تمكنت في ظل الاتفاق النووى الذي انسحب منه أول أمس الرئيس الأمريكي ترامب من تطوير قدرات صاروخية ذاتية الدفع، أي باليستية تبلغ مداها الثلاثة آلاف كيلومتر، أي يمكنها ضرب أهداف في أوروبا.

الأخيرة استاءت لخروج أمريكا من الاتفاق مع إيران، لكنها لم تخرج هي الأخرى بسبب المصالح الاستثمارية بين طهران ولندن وباريس، وكلها تعتبر المنطقة مرشحة لحرب جديدة لا تحتملها، لكنها مع ذلك متفقة جميعها على حرمان إيران من امتلاك أي سلاح نووي، فضلا عن وجوب تقييد برنامجها الصاروخي القادر على حمل رءوس نووية إلى القارة العجوز في أوروبا أو إلى مسافة ثلث قارة آسيا.

لماذا يناصب ترامب العداء لهذا الاتفاق الذي وصفه بالعفن والمعيب والفظيع؟

 الإجابة ليست فقط إسرائيل وحمايتها، بل يمكن القول إن ترامب ينفذ بالفعل أكبر مشروع استثماري في الشرق الأوسط، يتم من خلاله تأجير" صورة " ومهابة وبلطجة القوة الأمريكية، والتلويح بها، وحتى استخدامها بالفعل مقابل رسوم محددة ترسل فواتيرها إلى البلدان الغنية في الخليج، الذي توعدها ترامب نفسه بأنها ستدفع مقابل الحماية الأمريكية وإلا سقطت في أسبوع!

هو يعرف كتاجر ومقاول كيف يستقطر الأموال من الخزائن العربية. خطته واضحة وسافرة وسافلة، هي تهويل الخطر الإيراني النووي، وزيادة جرعة التحريض للطرفين، تحريض ضد إيران يندفع إليه العرب تحت حماية أمريكية مأجورة. لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونتنياهو أمس كان لقاء في حقيقته بين ترامب وبوتين لرسم حدود عدم التصادم بين القوى المتناقضة فوق الأراضي السورية.

ما بعنينا في هذا كله ألا نبتلع الطعم الأمريكي، وألا نندفع بأموال وجنود العرب إلى صراع بالوكالة عن إسرائيل أو عن أمريكا. تلاحظون أن التهدئة على جبهة كوريا الشمالية النووية صاحبه تسخين بالغ على الجبهة الإيرانية النووية. الهدف الدائم هو ترسيخ الخوف والسيطرة وقبض التكلفة كاملة!

الجريدة الرسمية