رئيس التحرير
عصام كامل

مرضى ضمور العضلات يستغيثون


مرض ضمور العضلات.. هو بمثابة سرطان جديد، ويسمى المرض المميت، وقاتل أعضاء الإنسان، أو الموت البطيء، ينتقي ضحاياه بعناية وتركيز.. كوحش يترقب فريسته.. ينقض عليها.. ينهش جسدها بالتدريج، حتى تتحول إلى كتلة لحم بشري غير قادرة على تحريك حتى أصابع اليد.


أنواعه عديدة قد تصل إلى ثلاثين نوعًا، جميعها تتنافس على الفتك بمن يقع تحت رحمتها، لكن أخطرها ذلك الذي يعشق امتصاص دماء الأطفال، حتى الرضع منهم، زواج الأقارب من أبرز المتهمين بمساعدة هذا الداء على التمدد.

حكايات المرضى مع لعنة الضمور مآسٍ وأحزان، تعتصر أسرًا بكاملها، وليس أحد أفرادها فقط، فهو كخلايا السرطان، لا ترحم صغيرًا ولا كبيرًا، ولا تكتفي بضحية واحدة، بل تتلذذ بالتهام المزيد بلا رحمة.

يُعرَف ضمور العضلات على أنّه عبارة عن اضمحلال، أو ضعف في عضلات الجسم، كعضلة الذراع، والساق، ويلاحظ على المصابين به وجود عدم تماثل بين العضلات، مثل: عضلات الذراع، إذ تكون إحدى العضلتين أصغر من الأخرى، وليس، كما يعتقد البعض، كونها أقصر، ومن الناحية العلمية فإنّ السبب الرئيسيّ لضمور العضلات، هو قلة النشاط البدنيّ الذي قد يحدث بسبب الأمراض، أو الإصابات، ويجعل من حركة عضلات الجسم، كالذراع، والقدم مستحيلة نوعًا ما.

في مصر هناك مئات الآلاف مصابون بهذا المرض الكارثي.. قام أحدهم، أسامة حجاج الحبشي، بإطلاق حملة لمساندة ودعم المصابين بضمور العضلات، ومن أهدافها التوعية بخطورة المرض، والعمل على الوقاية منه، وتوفير العلاج للمصابين.

يقول أسامة: "كنت أعتقد أنه لا يوجد غيري، أنا وأخي، مصابون بهذا المرض، لكن عندما دخلت فيس بوك وجدت الأعداد كبيرة، ولا يوجد أي اهتمام بهذا المرض".

و"قمت بتأسيس الحملة من أجل تسليط الضوء على هذا المرض الآخذ في التزايد.. وكنت أنا النواة الأولى، على الإطلاق، في توعية المجتمع بهذا المرض، والمطالبة بحقوقنا، سواء في الرعاية الصحية التي كفلها الدستور، والمعطلة على أرض الواقع من خلال الجهات التنفيذية".

ويرجع اتساع نطاق الإصابة بالمرض في مصر إلى انتشار عادة زواج الأقارب.. ومما يزيد الأمر صعوبة أنه إذا أصيب أحد أفراد الأسرة أو العائلة فهذا ينذر بتكرار الإصابة في أطفال هذه العائلة.. ويمكن أن ينتشر بين أفراد العائلة، وقد يصل عدد المصابين في العائلة الواحدة إلى عشرين مصابا، وعدد آخر حاملون للمرض.

المرضى، والكلام لأسامة ما زال، هم طريحو الفراش، لا يستطيعون تحريك أي جزء من أجسامهم، لا يأكلون دون مساعدة.. يعانون مشكلات في البلع وفي الشرب.. لا يستطيعون التنفس سوى من خلال الأجهزة.

الكثيرون من الأطباء لا يعرفون شيئا عن مرض ضمور العضلات، ولا كيفية التعامل مع هذه الحالات، ويتم التعامل معنا معاملة غير آدمية لقلة خبرة الأطباء في المستشفيات بالتعامل مع هذا المرض.

انطلقت حملة مرضى ضمور العضلات لجذب انتباه المسئولين لمطالب المرضى، ولم تجدِ نتيجة على أرض الواقع، لتنتقل تلك المحاولات لمواقع التواصل الاجتماعي، رحلة المعاناة مرت بمخاطبة وزارة الصحة ومجلس الوزراء دون فائدة، وتم عقد مؤتمرات وندوات لدعم مرضى ضمور العضلات في عدة محافظات، منها مؤتمران في البحيرة.

عقد اجتماع مع مستشار وزير الصحة، الدكتور محمد فتح الله، يوم ١٨ يناير الماضي، ولم يتم التحرك، ولم يستجب لمطلب واحد.. ومع الضغوط المستمرة عقد اجتماع مع وزير الصحة شخصيا الدكتور أحمد عماد الدين، ودارت المناقشة حول قضية مرضى ضمور العضلات.. وخلال الاجتماع تم توجيه سؤال لوزير الصحة: ما هو عدد مرضى ضمور العضلات في مصر؟ كان رد الوزير صادما، وهو أن المسجل في وزارة الصحة 1700.. صدرت لهم قرارات علاج على نفقة الدولة، والوزارة لا تعلم العدد الحقيقي لمرضى ضمور العضلات!

وقدمنا مذكرة تفصيلية للوزير موضحًا فيها حجم الكارثة والمطلوب، ومن أهم المطالب إقامة مستشفى لضمور العضلات، على غرار مستشفى سرطان الأطفال 57357، وكان الرد أن الميزانية لا تسمح.. وتم تقديم اقتراح بتحويل معهد شلل الأطفال إلى المعهد القومي لضمور العضلات، فقرر الوزير تخصيص دور كامل مجهز من معهد الجهاز العصبي والحركي (معهد شلل الأطفال سابقا)، مع استخدام إمكانيات المعهد في جميع التخصصات، وعمل حصر للأعداد عن طريق المعهد، وذلك في موازنة العام المالي الجديد، رغم ذلك لا تعلم الوزارة الأعداد الحقيقية لمرضى ضمور العضلات في مصر.

تم تكليف الدكتورة ناجية علي فهمي، أستاذ طب المخ والأعصاب بجامعة عين شمس، بملف ضمور العضلات ولها الإشراف على تجهيز المكان بالتنسيق مع مسئولي المعهد ووزارة الصحة، ممثلة في وزير الصحة المتحدث الرسمي، من خلال عقد عدة اجتماعات للانتهاء من هذا المشروع.

وقد حدث عكس ذلك كله؛ لم يلتزم الوزير بأي شيء، ولا يوجد أي رد من المتحدث الإعلامي أو الوزير، ولم يتم التواصل مع الدكتورة ناجية المكلفة بالملف.. وكأن الوزير "يضحك علينا بكلمتين" لشراء سكوتنا.

هذا بالإضافة إلى أنه تم إصدار قرار يوم 20 أغسطس 2017 بإنشاء 7 مراكز على مستوى الجمهورية، على أن يتم الانتهاء منها تدريجيا في شهر ديسمبر 2017 وإلى الآن لم يتحقق أي تقدم، حتى العلاج على نفقة الدولة داخل مصر باء بالفشل، وقوبلت طلباتهم بالرفض من قبل وزارة الصحة، وكان المبرر عدم إدراج ضمور العضلات داخل بروتوكول العلاج على نفقة الدولة، وأنه ليس من الأمراض ذات الأولوية طبقًا للقرار الوزاري ٢٩٠ لعام ٢٠١٠.

نيابة عن مرضى ضمور العضلات، يصرخ أسامة حبشي بالاستغاثة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي لإنقاذ هذه الشريحة من أبناء مصر.
الجريدة الرسمية