رئيس التحرير
عصام كامل

تحايل ترامب وصفقات «الأبواب الخلفية»


يتعامل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الرئاسة بمنطق "التاجر" ورغم أنه يقود أكبر دول العالم، لكنه لم ينس أنه رجل أعمال ويصر على إبرام "الصفقات" إن كان بشكل قانوني أو غير قانوني من "الأبواب الخلفية" لتحقيق مصالح الولايات المتحدة وكذلك مصالحه الشخصية!


ترامب يتحدث بصراحة شديدة ووضوح بالغ على "تويتر"، حتى إنه يعلن قراراته المهمة في "السوشيال ميديا" قبل إبلاغها للإدارة الأمريكية، لكنه مع هذا يجيد "التحايل" والمناورة لتحقيق مكاسب شخصية باستغلال منصبه على رأس الإدارة الأمريكية، لذا يطمح في البقاء رئيسا مدى الحياة مثل الرئيس الصيني، وأن أعلن عن رغبته تلك بطريقة "مازحة".

ترامب "المحتال" يدرك أن الدول العربية متضررة من إيران وترغب في إعادة فرض العقوبات عليها، وانسحاب أمريكا من الاتفاق النووي معها، لأن إنتعاش إيران اقتصاديا يعني مزيد من التمدد في الدول العربية وتخريب وتفجير وفوضى لبسط هيمنة دولة الملالي.. لذا استغل ذلك لتحقيق الكثير من المكاسب لبلده ولنفسه وإسرائيل وفي الوقت ذاته تأديب إيران وإعادة الأمور إلى نصابها في اتفاق نووي معيب كسبت فيه إيران كل شيء وخسرت أمريكا والعالم بقيادة أوباما.

سعى ترامب للضغط على دول الخليج لإنهاء الأزمة مع قطر رابطا الأمر بالعقوبات الأمريكية على إيران، وهو يهدف من ذلك رفع الحصار عن حليفه القطري وتقليل حجم خسائره، رغم اعترافه السابق بأن قطر أكبر ممول للإرهاب!!

ضغط ترامب على دول الخليج بشأن الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران بمطالب منها: "ضرورة توحيد المواقف لمواجهة المخطط الإيراني الخبيث الرامي إلى زعزعة استقرار المنطقة.. التأكيد أن مواجهة النظام الإيراني تتطلب التجانس والوحدة داخل مجلس التعاون مع تحالفات قوية مع مصر والأردن ودول أخرى صديقة".

وحذر ترامب من أن الولايات المتحدة "لن تتحمل وحدها مسئولية التصدي للمخططات الإيرانية إذا استمرت الخلافات داخل منظومة مجلس التعاون الخليجي".. وشدد على إنهاء النزاع وتوحيد الموقف قبل القمة الأمريكية - الخليجية، وإصدار بيان لإنهاء "كل حالات المقاطعة وفتح الحدود البرية والمجالات الجوية وعودة العلاقات الديبلوماسية، كما دعا كل الدول الخليجية لوقف الحملات الإعلامية ضد بعضها، لأن ذلك يزيد التصعيد ويعيق تدفق الحلول ويرفع منسوب الحساسيات لدى شعوب هذه المنطقة التواقة للسلام لا إلى التصعيد".

وضمن المساومة نبه ترامب إلى "أن ما قدمناه من التزامات قد لا يستمر في حال لم تتخذ دول الخليج مجتمعة موقفًا واحدًا بالتحالف مع أمريكا للقضاء على الإرهاب من جهة وإجبار نظام إيران على وقف مخططاته العدائية ضد المنطقة من جهة ثانية.. مذكرا بـالتضحيات الأمريكية المادية والبشرية لمواجهة الإرهاب منذ العام 2001 وحتى اليوم، وحجم الإنفاق الذي قدمته أمريكا في الحرب ضد الإرهاب واستفادت منه أمنيًا دول الخليج بالدرجة الأولى".

التزمت دول الخليج الصمت حيال ضغوط ترامب، ولم يرد سوى وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية د. أنور قرقاش بتغريدة: "لن تنفع أي ضغوط، نصيحة مخلصة هدفها خروج قطر من أزمتها أساسها أنه لن تكون هناك وساطة غير خليجية".

بعد الكشف عن ضغوط ترامب، استبقت مؤسسة "مواطنو المسئولية والأخلاق" في واشنطن، إعلانه انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي مع إيران وفرض عقوبات عليها أمس، برفع دعوى قضائية ضده بشأن علاقته مع قطر بعد ورود تقارير عن "صفقات الأبواب الخلفية".

ونشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية تقريرا عن دعوى قضائية مرفوعة ضد ترامب، بشأن إبرامه "صفقات خارج إطار البيت الأبيض" مع قطر، مشيرة إلى شراء بعثة قطر في الأمم المتحدة شقة رابعة في برج ترامب بمدينة نيويورك، في 17 يناير 2018، بمبلغ 6.5 ملايين دولار، ليصل سعر الشقق التي تمتلكها البعثة في البرج إلى 16.5 مليون دولار، وطالبت الدعوى بمنع الرئيس الأمريكي من الاستفادة من تلك الصفقات، التي تنتهك الدستور الأمريكي وتؤثر سلبيا على سياسات الولايات المتحدة أو تتعارض معها.

واضح أن المؤسسة الأمريكية قلقة من رفض ترامب التجرد من ممتلكاته، ما يجعله عرضة للتأثير عليه من قبل دول تستثمر في عقاراته!.. وهو الأسلوب الذي اتبعته قطر لتغيير موقف ترامب من تأييد دول الحصار إلى الدعوة لمصالحة قطر بلا شروط لمجرد أنهم استثمروا أموالا في عقاراته.. وما حدث في أزمة قطر مرشح للتكرار في قضايا عالمية عدة ما لم يتوقف ترامب عن التحايل والصفقات الخاصة.
الجريدة الرسمية