رئيس التحرير
عصام كامل

خالد محيي الدين.. وداعا الشيوعي المتصوف

خالد محيي الدين،
خالد محيي الدين، مؤسس حزب التجمع

رائد من رواد الحركة الوطنية في أربعينيات القرن الماضي، يساري فذ، وصوفي مقرب، وقع على عاتقه تحرير الوطن والإنسان، خاض حربا ضروسا لإعلاء قيم الديمقراطية والعدالة فاستحق أن يلقب بـ«فارس الديمقراطية»، لقبه عبد الناصر بـ«الصاغ الأحمر»، لإيمانه بالأفكار الشيوعية الماركسية، و«جرة العسل» لاقترابه من المهمشين، يعتبره الكثير من المثقفين آخر قطفة من جيل الرجال المحترمين في مصر.


العودة إلى الثكنات

خالد محيي الدين، مؤسس حزب التجمع الوحدوي التقدمي، ذات التوجه الشيوعي ورئيسه حتى اعتزل العمل العام، والحاصل على قلادة النيل، وأحد قادة ثورة 23 يوليو، كان من أبرز الشخصيات في تنظيم الضباط الأحرار.

عقب الثورة دعا «محيي الدين» الضباط للعودة إلى ثكناتهم العسكرية لإفساح مجال لإرساء قواعد حكم ديمقراطي، وهنا نشب خلاف بينه وبين جمال عبد الناصر ومعظم أعضاء مجلس قيادة الثورة، استقال على إثره من المجلس، وقرر بعدها السفر إلى سويسرا.

نشأته

في 7 مايو 1918م، شهد كفر شكر بمحافظة القليوبية، ميلاد «جرة العسل» - صفة أطلقها عبد الناصر عليه-، وفي مدرسة أولية بالقرية، ثم بمدرسة العباسية الابتدائية، ومدرسة فؤاد الأول الثانوية تلقى تعليمه، والتحق بالكلية الحربية في 6 أكتوبر 1936، وتخرج فيها 6 فبراير 1938، برتبة ملازم ثانٍ، وعمل في سلاح الإشارة في منقباد بصعيد مصر، والتحق بكتيبة بنادق المشاة بالإسكندرية، وانضم لمجلس قيادة الثورة، وحصل على بكالوريوس التجارة عام ١٩٥١م.

الانحياز للفقراء
حمل على عاتقه هموم جيرانه وأصدقائه فلم يكن خالد الطفل ابن سرايا حتى أطلق عليه (طفل الشارع) فلم يكن يهوى المظاهر الزائفة، ولم يكن يوما منحازا إلى طبقته، ولكنه كان منحازا إلى طبقة الفقراء والعمال والفلاحين وكان هو الوحيد من عائلة محيى الدين الذي يحضر أفراح الفقراء.

نشأته الصوفية

ترعرع في جو صوفي نقشبندي، فأجداده وأهله كانوا شيوخًا في هذه الطريقة الصوفية التي لها جذور كثيرة في الدول العربية، فجده لأمه هو الشيخ الخليفة محمد عاشق وله في المنزل مسجد، يقول الصاغ الأحمر: «إن التصوف نوع من الجانب الأخلاقي الخاص بالشخص واللي بيعمله.. الكل متدين وكله بيصلي لكن التصوف بيديله رحيق ثاني لأنه مبني على محبة وأخوة وأن الإنسان مالوش غرض، بيعمل كده مش علشان إنه يخش الجنة لا علشان يرضي نفسه ويرضي الله».

جرة العسل
في منقباد بصعيد مصر، وتحديدًا سنة 1939، كانت بداية علاقته بجمال عبد الناصر، قبل أن تتوطد علاقتهما في السودان سنة 1940. عمل مع جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر هناك.

«ناصر» أطلق على خالد محيي الدين «جرة العسل» برغم اختلافه الفكري معه وعندما سأله مجلس قيادة الثورة كيف تطلق على من تختلف معه أنه جرة عسل، فرد عبد الناصر: "الذباب لا يهبط إلا على العسل وخالد هو العسل الذي يقترب منه ذباب كثير.. عبد الناصر كان يقصد بالذباب الملتفين الكثر حول الزعيم، أما السادات فقد أطلق عليه الصاغ الأحمر، أما محبوه فقد أطلقوا عليه فارس الديمقراطية نظرا لكل الفوارق التي كان يعمل على تذويبها بين الطبقات وانحيازه دائما لفئة الغلابة والمهمشين".

انضمامه للإخوان
انضم خالد محيي الدين إلى جماعة الإخوان عام 1945، قبل قيام تنظيم الضباط الأحرار.. تفاصيل الانضمام والانفصال السريع يرويها بنفسه في مذكراته بعنوان «الآن أتكلم» وكان معه كل من الضباط جمال عبدالناصر، وكمال الدين حسين، وعبداللطيف البغدادي، وحسن إبراهيم، ولكن سرعان ما انفضت هذه المجموعة بعد حرب فلسطين عن الإخوان، بعدما تعثرت العلاقات، وبخاصة أن انضمام الضباط للجماعة وفقا لما جاء في مذكرات سامي شرف، هي حاجتهم إلى قوة دفع من جماعة سياسية قوية تساندها وتحمي ضباطها في حالة وقوع أية عمليات قبض أو فصل من الخدمة أو ما إلى ذلك تعسفية.

التحول إلى الشيوعية
ترك الضابط اليساري جماعة الإخوان، وانضم إلى تنظيم «حدتو» الشيوعي، أو ما يطلق عليه "الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني" كما كان جمال عبدالناصر على اتصال بهذا التنظيم الشيوعي، وذلك عن طريق القاضي أحمد فؤاد، الذي ظل على اتصال بتنظيم الضباط الأحرار. آمن بالأفكار الماركسية وأيقن أن السياسة علم لها قوانين ولها قواعد.

تأسيس حزب التجمع
عقب تولى الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، وحل الاتحاد الاشتراكي العربي، وإعلانه عن تأسيس المنابر الثلاثة عام 1976م، أسس خالد محيي الدين حزب التجمع الوطني الوحدوي التقدمي، ذات التوجه الشيوعي، وظل رئيسه إلى أن تولى الدكتور رفعت السعيد رئاسة الحزب، وظل «محيي الدين» الرئيس الروحي للحزب حتى الآن.
الجريدة الرسمية