رئيس التحرير
عصام كامل

موسم رفع ضغط المشايخ


أيام معدودة تفصلنا عن الشهر الكريم، كل عام وحضراتكم بخير وصحة وسعادة وهنا، وبمناسبة الهنا وجب التنويه لحالة الضحك والهنا التي يعيشها مشايخنا الكرام، وهم يردون على أسئلتنا التي تدور في إطار صحة الصيام من عدمه، في هذا الشهر الكريم تنقسم الأسئلة التي يطرحها الناس على المشايخ عادة_ وربنا يقطعلنا العادة_ إلى ثلاثة أقسام لا رابع لها.


الأول خاص بفتاوى أزواج يقبلون بعضهم بعضًا في نهار رمضان، ويريدون معرفة هل أفسدت القبلة الصيام أم أنه صحيح؟، والثانى خاص بفتاوى من عينة نسيت وشربت ونسيت وكلت طبق محشى ونسيت وخدت حتة كنافة أكمل صيام ولا أكمل أكل؟، والثالث خاص "بطولة اللسان" والسب والقذف وهل يؤثر هذا على الصيام أم لا ؟..

كل عام مع بداية رمضان تتكرر نفس الأسئلة، ويتكرر الرد عليها بنفس الإجابات، كل عام تتكدس دار الإفتاء وتتدفق الاتصالات على الهواء مباشرة، فيعيد المشايخ نفس الكلام بنفس حذافيره، وكأنهم كانوا يأذنون في مالطة في العام الماضى، والعام الذي قبله والعام الذي قبل قبله، صحيح من حقنا عليهم أن نسأل، ومن حقنا عليهم أن يجيبوا لكن عندما تكون العادة هي السؤال في البديهيات، فهذا هو الفاصل الكوميدى بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ..

عجيب أمركم أيها الأزواج وأمر قبلاتكم وأمر توقيتها الغريب، لديكم العام كله تمارسون فيه حياتكم الطبيعية بكل أريحية فهل حبكت في نهار رمضان يعنى؟! إيه الفكرة في كده بجد ؟!، درسنا أن الصيام هو الامتناع التام عن شهوتى البطن والفرج فما الداعى أن تطل أي شهوة فيهما برأسها في هذه الأيام المعدودات؟ خلاص يعنى الحب ولع في الدرة ؟!!..

وأنت ياللى بتاكل وجبة كاملة ناسيًا أنك صائم ثم تسأل أنا كده فطرت يا شيخ؟ أعتقد والله أعلم إنك كده اتغديت واتعشيت كمان، كيف تسمح لنفسك أن تنفصل نفسيًا عن أجواء الصيام التي تغطى الكرة الأرضية من مشرقها لمغربها للدرجة التي تجعلك تنسى وتأكل أصلًا؟ أنت هنا لست بحاجة لفتوى الشيخ بقدر ما أنت بحاجة إلى التفاعل بكل حواسك مع طقوس رمضان وأجوائه ولو فعلت هذا لا يمكن أن تنسى، وحتى لو نسيت سيكون السهو على شيء بسيط لا على وجبة تصيب من يسمع أنك تناولتها بالكامل سهوا بانهيار عصبى حاد!..

وأنت يا من لا تستطيع تهذيب لسانك والتحكم في عصبيتك فتتفوه بكلمات تجعلك تشك في صحة صيامك وتسأل، هل يمكنك أن تحاول من الآن ممارسة تمارين تهذب بها ثباتك الانفعالى في المواقف حتى تتجنب الوقوع في شبهة فساد الصيام أو فساده بالفعل؟..

الصيام هو تهذيب النفس وتأديبها قبل أن يكون امتناعا ظاهريا عن شهواتها، فاستقيموا يرحمكم الله ولا ترفعوا ضغط المشايخ بأسئلة معادة كثيرًا ولا محل لها من الإعراب، سيئ جدًا أن ينعكس شعور_ ولو بسيط _بأن صيام رمضان دخل في إطار مجرد تأدية واجب، وليس فرحة ننتظرها وننخرط فيها بروحنا قبل أجسادنا..

ما أجمل الأسئلة عن الصلوات المضافة في رمضان وعن قيمة الزكاة ومصارفها، وما أجمل السؤال عن كفارات الإفطار لمرض أو علة أو سفر، وما أجمل أن تغمرنا روح رمضان سابقًا "أيام ما كنا عيال" بكل تفاصيلها الحقيقية، ارحموا أنفسكم وارحموا المشاريخ في موسم رفع ضغط المشايخ !
الجريدة الرسمية