رئيس التحرير
عصام كامل

أنيس منصور يكتب: رمضان كريم

أنيس منصور
أنيس منصور

في كتابه (معنى الكلام) الذي يضم مجموعة مقالات للكاتب الصحفي أنيس منصور الصادر عام 1998، وفي مقال بمناسبة الشهر الفضيل قال فيه:


«كل سنة وانت طيب، ورمضان كريم والله أكرم، ونحن جميعًا نحاول في هذا الشهر المبارك أن نكون كرماء مع كل فقير ومحتاج، وأن نكون متسامحين مع غيرنا من الناس.

وليست هذه صفات يجب أن تسود في الشهر الكريم، وإنما يجب أن تستمر في بقية الشهور أيضًا، ولكن في هذا الشهر نكون أقل اتصالاً وارتباطًا بالناس؛ ولذلك فنحن أقل ضررًا وأقل تعصبًا أيضًا.

فقد لا تخطئ كثيرًا، ولكننا في نفس الوقت لا نفيد أحدًا أيضًا؛ لأننا نتفادى الناس بعدم التعامل معهم ولو بالنوم.

وأنا شخصيًّا ليست لي مشكلة مع شهر رمضان، لأسباب تتعلق بأسلوبي في الحياة والعمل، فأنا لا أشعر بأي نوع من العطش أو الجوع في رمضان، لأني أمشي على نظام واحد طول عمري.

فأنا أصحو في الرابعة صباحًا قبل الفجر بساعة، وأشرب الشاي والقهوة وأبدأ العمل، قراءة وكتابة حتى العاشرة والنصف صباحًا، وبعد ذلك أمارس نشاطي الاجتماعي ولا أشرب نقطة ماء أثناء النهار.

في الثالثة والنصف أعود إلى البيت لأتناول الغداء، وهذا الميعاد قبل مدفع الإفطار بساعتين على الأكثر، ولا أنام ظهرًا، بل أتصفح القنوات التليفزيونية.

لكن المساكين هم الذين اعتادوا على القهوة والشاي والسيجارة طول اليوم وإن لم يذوقوا طعامًا، فهذا الكيف أو الكيوف هي التي تنكد على الصائم حياته، ومن أجل ذلك كان الواحد منهم إذا فقد أعصابه وراح يغلظ في القول فإنه يفرمل نفسه ويقول: اللهم إني صائم.

ومعناها أنه لا شيء يمنعني عن أن ألف يدي حول رقبتك إلا الصيام فاتركني الآن، وإلا فقدنا صيامنا نحن الاثنين أو حياتنا.

وبعض الناس ينتهز فرصة الصيام ويتمادى في عدم العمل أو أداء الواجب، وإنما يقف على الحياد متفرجًا على الناس داخلين خارجين مطالبين، شاكين، وينظر إليهم ولا يعمل أي شيء لأنه صايم دايخ وأن الشرر ينط من عينيه.

إنه يريد سيجارة أو فنجان قهوة، وفي نفس الوقت لا يريد أن يتخانق مع الناس، مع أنهم على حق وهو كذاب كسول، وهذه اللا مبالاة لا علاقة لها بالدين أو حكمة الصيام.

بالنسبة لي أنا، هي عادات استقرت ولا أجد سببًا لتغييرها، فقد استرحت إلى هذه اليقظة المبكرة وأكتفي بفنجان قهوة واحد في الصباح، ولا أشرب نقطة ماء أو شاي أو قهوة طوال اليوم؛ ذلك لأن الشاي والقهوة ملازمان للقراءة، وأنا لا أقرأ ولا أكتب إلا في الصباح.

وعمومًا رمضان كريم».
الجريدة الرسمية