رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

نص كلمة رئيس بنك مصر بمؤتمر اتحاد المصارف العربية (صور)

فيتو

قال محمد الإتربى، عضو اتحاد بنوك مصر، رئيس مجلس إدارة بنك مصر، إن العالم يشهد عملية انتقال متسارع من الاقتصاد النقدي إلى الاقتصاد غير النقدي، وذلك بفضل التكنولوجيا المالية، وما تُوفره من أدوات وآليات لتخفيف الاعتماد على النقود الورقية، والانتقال إلى الاعتماد على النقود الإلكترونية والمشفّرة.


وأضاف: لا شك في أن التكنولوجيا المالية تلعب دورًا محوريًا في صياغة مستقبل المعاملات والخدمات المالية ليس فقط بين الأفراد، ولكن للمؤسسات المالية وصناديق الاستثمار وإدارة الثروات، على حد سواء.

ولفت إلى أن التطورات التكنولوجية الحديثة متسارعة الوتيرة التي تشهدها صناعة تكنولوجيا المعلومات كان لها مردود واسع على القطاع المالي بشكل عام وعلى القطاع المصرفي بشكل خاص، فقد حققت البنوك طفرة في جودة ونوعية الخدمات المصرفية المقدمة للعملاء وسرعة وسهولة وانتظام تقديمها في أي مكان من العالم مما كان له تأثيرًا إيجابيًا تمثل في تعدد آليات وأدوات تسويق المنتجات المصرفية، وتعزيز ثقة العملاء وزيادة شرائح المتعاملين مع البنوك وترسيخ صورة ذهنية إيجابية للبنوك لدى الجمهور تعكس أهمية الدور الذي تقوم به البنوك في خدمة الاقتصاد.


واستطرد رئيس مجلس إدارة بنك مصر، أن التكنولوجيا المالية Fintech وتطبيقاتها المختلفة، تُمثل فرصًا وتحديات في الوقت ذاته للبنوك والمؤسسات المالية والجهات الرقابية والإشرافية، ومن هنا يجب على البنوك والجهات الرقابية النظر في كيفية تحقيق التوازن بين الحفاظ على سلامة النظام المصرفي والاستقرار المالي وتأكيد الالتزام التام بالقوانين والتشريعات المعمول بها من جهة، وتطوير الابتكار في الخدمات المالية بالقطاع المالي والمصرفي من جهة أخرى.

وأوضح أن ابتكارات التكنولوجيا المالية تستطيع أن تساهم مساهمة كبيرة في تحقيق الاستقرار المالي، من خلال استخدام التكنولوجيا في ضمان الالتزام بالقواعد التنظيمية وإدارة المخاطر، ويمكنها تيسير التجارة الخارجية والتحويلات، بتوفير آليات تتسم بالكفاءة وفعالية التكلفة للمدفوعات العابرة للحدود، كما يمكن أن يؤدي استخدام وسائل الدفع الإلكترونية إلى رفع كفاءة عمليات الحكومة.

وأكد أن التكنولوجيا الرقمية قد فتحت آفاقًا رحبة نحو مساهمة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحسين الكفاءة والابتكار والإنتاجية من خلال تعزيز المنافسة، إضافة إلى تنويع الهيكل الاقتصادي، مما يؤدي إلى نمو الاقتصادات العربية وتطورها.

وتشير الدراسات والأبحاث إلى أن هذا القطاع يُشكّل في بعض الدول المتقدمة مصدرًا رئيسيًا لخلق فرص العمل، في حين أن عدد هذه المنشآت وكثافتها في بعض الدول العربية لا يزال متواضعًا مقارنة ببقية أقاليم ودول العالم حيث يتراوح عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المسجلة رسميًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما بين 1،9 إلى 2،3 مليون مؤسسة صغيرة ومتوسطة، مسجلة رسميًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، 21 % منها فقط حاصلة على قروض من البنوك، لذا فإن الآمال معقودة على التكنولوجيا الرقمية وتطبيقاتها لتطوير القطاع المصرفي من خلال دعم نشاط تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

من جهة أخرى فإن تطبيقات التكنولوجيا المالية تلعب دورًا هامًا في توسيع قاعدة العملاء وتعزيز الشمول المالي بإتاحة طرق دفع جديدة ومنخفضة التكلفة لمن لا يمتلكون حسابات مصرفية رسمية، ونود الإشارة هنا إلى أن لمصر جهودًا رائدة وسباقة في هذا المجال باعتبارها حلقة مهمة في القطاع المالي العالمي.


وقال إن هناك عناصر أساسية تساعد في تطوير بيئةٍ مستدامةٍ للتكنولوجيا المالية من أهمها ما يلي:

1. بيئة العمل:
بيئة العمل التنظيمية أساسيةٌ لضمان استمرار سلامة ومتانة قطاع الخدمات المالية، لأنّها تسمح لشركات التكنولوجيا المالية الناشئة بأن تشغّل وتختبر المنتَجات أو الخدمات في بيئةٍ مواتية ولفترة محددة،ويمكن لهذا الاختبار أن يحدّد مدى ملاءمة الشركة الناشئة للعمل على نطاقٍ أوسع وكجزءٍ من قطاع الخدمات المالية القائم، بالإضافة إلى أنّه يسمح للّاعبين في مجال التكنولوجيا المالية بالعمل بعيدًا عن الالتزام بجميع القوانين والتشريعات المالية.

2. مبادرات الأمن السيبراني:
قد لا يُنظَر إلى اقتران التكنولوجيا والخدمات المالية على أنّه اقترانٌ آمن، لا سيّما من قِبَل أولئك الذين يستخدمون فقط الخدمات المالية التقليدية. لذلك من الضروريّ أن تضمَن الحكومات بنفسها الأمن السيبراني لبث الثقة لدى المستهلِكين وتسهيل التحوّل نحو التكنولوجيا المالية.

2. الحوافر:
يجب أن توفّر الحكومات حوافز ضريبيةً للأفراد الذين يستخدمون هذه الخدمات الجديدة لتحفيز نموّ التكنولوجيا المالية وزيادة انتشارها.

وطبقًا لتقارير المؤسسات المتخصصة فقد شهدت الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا نموًا كبيرًا خلال عام 2017 إذ بلغت الاستثمارات الموجهة لتلك الشركات 560 مليون دولار استفادت منها 260 شركة ناشئة، أي بزيادةٍ عن العام 2016 تعادل 65%، مع استمرار التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية بوصفهما القطاعين الأكثر انتشارًا بنسبة 11،9% لكلّ منهما.

واستكمل: لا شك في أن تطورات الابتكارات التكنولوجيا المالية والآثار المتوقعة على الاستقرار المالي والمخاطر المالية تستحوذ على اهتمام متزايد من المجتمع الدولي، خاصة في ظل المخاطر والتحديات التي يشهدها عالمنا المتغير اليوم، والذي يتسم بترابط اقتصاداته وتطور أنظمة الدفع الإلكترونية التي تُتيح انتقال الأموال بسرعة بين دوله المختلفة مشيرا إلى أن لا يزال هناك العديد من القضايا المطروحة على الساحة الدولية بشأن كيفية التعامل مع المستجدات الخاصة بالشأن المالي، سواء من ناحية توسع القطاع المالي الرسمي في تقديم الخدمات وتحسين الشمول المالي، أو من ناحية صيرفة الظل Shadow Banking والتي تقوم بها مؤسسات غير مصرفية وتقدم أنشطة الوساطة المالية، إضافة إلى سرعة التطور في خدمات التكنولوجيا المالية Fintech والشركات التي تُقدم الحلول المبتكرة للخدمات والأنشطة المالية المختلفة التي تُحاكي ما تقدمه القطاعات المصرفية، وربما تسعى إلى العمل كبديل عن البنوك، الأمر الذي يُشكل تهديدًا يجب التحوّط منه، واتخاذ كافة الإجراءات الإحترازية التي تُحقق سلامة القطاع المصرفي واستقراره.

لقد أجمع الخبراء على أنه لايجب إطلاق العنان لهذه الإمكانات الهائلة للتكنولوجيا المالية بكافة مفرداتها التي تتضمن البلوك تشين Block chain والفينتيك Fintech والعملات المشفرة Cryptocurrencies، قبل إجراء مزيد من الإصلاحات لسد الفجوات في الأطر المعنية بالقواعد التنظيمية وحماية المستهلك والأمن المعلوماتي، فضلًا على تحسين بيئة الأعمال، والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتوعية المالية.

كما أنه لا بد من توافر الشفافية في التعاملات المالية عبر القنوات التكنولوجية مثل العملات المشفرة وضرورة امتثالها للأطر التنظيمية قبل شرعنة عملياتها في الأسواق المالية.

يجب علينا كبنوك وجهات رقابية وتنظيمية وشركات تكنولوجيا المعلومات أن نعمل معًا سعيًا نحو خلق بيئة تنظيمية مواتية وتعزيز الوصول إلى المدفوعات الرقمية واستخدامها، ونحن بحاجة إلى الشفافية والقدرة على التنبؤ، فيمكننا بناء الثقة في الخدمات المالية الرقمية من خلال تطبيق اللوائح والمعايير القائمة على أفضل الممارسات الدولية في مختلف الوزارات والبنوك وشركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والأنظمة المتعلقة بالمدفوعات.

إن المواءمة بين التشريعات المالية وتشريعات الاتصالات تُعد عاملًا رئيسيًا للنجاح في تعزيز الخدمات المالية الرقمية، ويُعد التعاون مع الحكومات أمرًا ضروريًا لوضع سياسات هادفة لتغيير السلوك، وتُعتبر نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص أمرًا أساسيًا لتحقيق نتائج إيجابية في الأسواق النامية والمتقدمة على حد سواء، كما أنها ستساهم في الإسراع في استخدام المدفوعات الإلكترونية ولقد حققت مصر تقدمًا ملموسًا في بعض المجالات، متفوقة على بلدان أخرى مماثلة في العالم، فقد أصبحت أول دولة في المنطقة تضم منظومة مفتوحة للدفع عبر الهواتف المحمولة.
Advertisements
الجريدة الرسمية