رئيس التحرير
عصام كامل

حيثيات الإدارية العليا برفض مطالبة «حديد عز» للدولة بـ23 مليون جنيه

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أودعت المحكمة الإدارية العليا، الدائرة الثالثة موضوع، برفض الطعن المقام من شركة العز الدخيلة للصلب بالإسكندرية ضد الحكومة المصرية بمطالبتها بمبلغ 23 مليون جنيه وفوائدهم وألزمته المصروفات.


وقالت المحكمة برئاسة المستشار يحيى خضري نوبي، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين أحمد منصور، وناصر رضا عبد القادر، ونجم الدين عبد العظيم، والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، نواب رئيس مجلس الدولة، إن شركة العز الدخيلة للصلب عندما استشعرت وجوب تحسين أداء الونشين العملاقين (جانترى كرين) مما يدخل في نطاق العمرات العمومية والإحلال الرأسمالي لهما خاطبت الهيئة العامة لميناء الإسكندرية وأصدر رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء الإسكندرية قراره لدراسة تحسين أداء الأوناش، كما أصدر قراره بتشكيل لجنة لحصر أعمال الإحلال والتجديد التي تمت بمعرفة الشركة بتقدير القيمة الإجمالية لها، وأنه ليس تعديلًا بل يدخل في نطاق العمرات العمومية والإحلال الرأسمالي لهما الذي تتحمل الحكومة المصروفات الناشئة عنه، بينما ذكرت الحكومة المصرية أن ما قامت به الشركة عبارة عن تعديلات تستوجب موافقة كتابية من هيئة الميناء وهو ما لم يحدث وتتحمله الشركة.

وأوضحت المحكمة أنه بمناسبة حاجة الهيئة العامة لميناء الإسكندرية إلى تشغيل المعدات الموجودة برصيف الخامات التعدينية بميناء الدخيلة وساحات التشوين وصيانتها، ورغبة منها في الانتفاع بها في مجال تداول الخامات التعدينية وشغل الساحات المخصصة لتشوين الخامات المذكورة أبرمت مع الشركة الطاعنة عقدًا رخصت لها بمقتضاه بهذه الأنشطة وفقًا لأحكام وضوابط نص عليها على أن تكون مدة الترخيص خمس سنوات قابلة للتجديد مدد أخرى مماثلة باتفاق الطرفين، وإن المبلغ محل المطالبة موضوع الطعن الراهن ومقداره  22918295,67 (اثنان وعشرون مليونًا وتسعمائة وثمانية عشر ألفًا ومائتان وخمسة وتسعون جنيها وسبعة وستون قرشًا) هو حصيلة مجموع شقين من المبالغ المالية أولهما: مبلغًا مقداره 12320934,28 جنيه قيمة ما أنفقته الشركة لتطوير الأوناش التي تدعى "الجانتري"، وثانيهما: مبلغًا مقداره 10597361,39 جنيه وهو وقيمة قطع الغيار الرأسمالية التي تم توريدها وتركيبها بمعرفة الشركة، والأمر يقتضي تفحص حقوق الطرفين والتزاماتهما من خلال استجلاء ما أنفقا عليه وصولًا لاستظهار مدى أحقية الشركة في هذه المطالبة.

وأشارت المحكمة أن الشركة حينما شرعت في القيام بأعمال التطوير لم تتحصل على موافقة كتابية من الهيئة العامة لميناء الإسكندرية، وهذا التطوير الذي تم على الأوناش من شأنه أن يعلي من كفاءتها ويزيد من درجات الأمان بها، وقد انصب على الأجزاء الكهربائية للأوناش المذكورة ومن ثم فإن حال هذه الأوناش بعد التطوير قد اختلف عن حالها قبله، أي أن هذا التطوير نتج عنه تغيير في الأوناش على نحو أولى أو أفضل، ومن ثم فإن التغيير الذي نال من الأوناش ينطوي بلا جدال عن تعديل لها وفقًا للمفهوم السالف بيانه فتغيير الأجزاء الكهربائية للأوناش على النحو الذي تم يستقيم – بلا ريب - تعديلًا لها في حكم المادة (9) من الترخيص، ومن ثم فإنها بصرف النظر عن كون هذا التعديل كان ضروريًّا أو إنه ساهم في رفع مستواها التشغيلي فقد أجرته الشركة مجردًا من أي موافقة كتابية من الهيئة تتحمله هي.

وتابعت المحكمة، إن صنف العقد محل الطعن يجسد في حقيقة الأمر والواقع خطط الدولة نحو ترسيخ دعوة القطاع الخاص للمشاركة في تشييد دعائم الخطط التنموية بوصفها بادرة لتعزيز دوره في هذا المجال ليكون لبنة في جدار التنمية الصناعية والتجارية استطعامًا الأمل ليكون أحد أدواتها نحو التقدم والنماء، والعقد بهذه الكيفية يسير على درب تتضافر فيه مصالح الطرفين على نحو يتولد عنه فائدة منصفة لهما على السواء ومنفعة تغمرهما إذ يثمر التعاقد عن أثراء عادل للشركة المرخص لها بالانتفاع وفي الوقت ذاته يستقيم موطئًا للجهة الإدارية لتحقيق مآربها في التنمية وبابًا لها نحو الحداثة من خلال الاستعانة بمعونة الشركة في إدارة أملاكها، ومن ثم الاستفادة من خبرات القطاع الخاص في هذا المضمار في مناخ تمارس فيه أساليب الإدارة الخاصة المتحررة من ربقة القيود الحكومية والإجراءات الإدارية "الروتينية" وطرائقها، فتسير ممارسة النشاط موضوع التعاقد على نحو متوازن يحفظ مصالح الجهة الإدارية ويسمو بها إلى آفاق التنمية، بيد إنه ولكون الترخيص بالانتفاع بأملاك الدولة على هذا النحو قد شيدت دعائمه وأُقيمت أركانه في الأصل لخدمة الصالح العام وليس للتهوين منه فإنه يجد حده الطبيعي في ألا تفضي نصوصه وضوابطه إلى وقوعه في غياهب سوء غرض المتعاقد ومن يواليه بأن تتخذ أحكامه من دون المصلحة العامة ندًا فتفرط بنوده في مصلحة المرفق العام لحساب مصلحة المرخص له فيكون عقد الترخيص عبئًا على المرفق مرهقًا له يعوق أدائه ويحبط مخططاته فينقلب الترخيص على عقبيه مبددًا للآمال المعقودة عليه على نحو يخرجه عن غاياته المقررة له. ومن ثم كان لزامًا على نصوصه أن تعكس الحرص على هذه المسألة وتعقب مواطنها وإعمال مقتضاها بلا إفراط أو تفريط.

وجاء في الطعن أن الشركة طورت الأجزاء الكهربائية للأوناش وعدَّلتها دون موافقة الحكومة المصرية وبتكاليف باهظة مما أخل بموازنة هيئة ميناء الإسكندرية، ووضعت مبدئًا عامًا مقتضاه أنه إذا فرطت الجهات الإدارية في مقتضيات المصلحة العامة المملوكة للشعب وأهدرتها فالعدالة توجب بطلان عقد الترخيص برمته.
الجريدة الرسمية