رئيس التحرير
عصام كامل

في عيد الناس الشقيانة.. «عمال السقالات.. الحياة على كف عفريت» (صور)

فيتو

"لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا، وتروح بطانًا".. حديث نقله سيدنا عمر بن الخطاب عن الرسول "صلى الله عليه وسلم".. بقصد التوكل على الله خير التوكل لجلب الرزق كما يرزق الطير.


وعمال السقالات، تدفعهم لقمة العيش للمخاطرة بأنفسهم على ارتفاعات شاهقة قد تصل في بعض الأماكن إلى 30 دورا، هم يؤدون عملهم المطلوب باحتراف وخبرة، يتسلقون من “سقالة" إلى أخرى بكل خفة دون خوف، يشبهون في عملهم بلاعبي السيرك هدفهم الوحيد هو تدبير عشرات الجنيهات لسد جوعهم.


تتعدد أنواع السقالات التي يتم التعامل بها في معظم دول العالم، فمنها سقالات خشبية وأخرى حديدية ويتم إنشاؤها على أعمدة خشبية أو حديدية بكل دقة وحذر حتى لا يتعرض العاملون عليها للسقوط ويبدأ العاملون في استخدامها في حمل المعدات والأدوات المستخدمة في العمل.


" 700 كيلو أقطعها كل 3 شهور حتى أصل إلى القاهرة لتدبير عشرات الجنيهات، لكي أساعد بها أولادي وزوجتي في القرية".. هكذا بدأ عبد السلام عيسى حديثه، مضيفا أنه يأتي من أقصى محافظة الأقصر كل 3 شهور للعمل بالقاهرة، لأن العمل بها متوفر والفلوس كثيرة.

ويصمت "عبد السلام" قليلا لينظر بعدها إلى إحدى السقالات التي يعمل عليها ويقول: "هذه هي لقمة عيشي ومصدر رزقي الوحيد في كل مرة أصعد فيها أتذكر أولادي وزوجتي وكأنها المرة الأخيرة التي أصعد إليها.. عملها شاق جدا تحتاج إلى المزيد من الثبات والقوة من أجل القدرة على العمل عليها".

وتابع: "مهنة السقالة هي محبوبتي المفضلة في شوارع العاصمة لا أستطيع العمل بأي مهنة أخرى غيرها".


صرخات وضجيج عالِ سمعها كل من كان في المكان على صوت أحمد عبد المقصود "30 عاما" الذي يعمل بمهنة السقالات منذ 6 أشهر وأخذ يردد :"أنا مش بقيت بخاف من الأماكن العالية"، مؤكدا أن هدفه الأساسي منذ عمله في هذه المهنة هو قدرته إلى الصعود إلى الأماكن العالية وإنهاء فكرة فوبيا الأماكن المرتفعة الذي كان يعاني منها منذ صغره. 

وابتسامة طويلة لم تفارق وجه أحمد اصطحبني معه وصعدنا معا إلى الدور الخامس على أحد المباني التي كان يعمل بها في كل لحظة والأخرى كان ينظر إلى الأسفل وتزداد الابتسامة على وجهه كأنه يحقق إنجازا كبيرا لا يستطيع أحد أن يحققه، بدأ يسرد لحظات الفرحة التي يعيشها وهو أعلى هذه السقالات.


أما أبانوب عيسى فيروي حكايته مع السقالات وقال: "جاي من الصعيد علشان أشتغل في القاهرة، لأن مفيش شغل في الصعيد وعندي أسرة من 7 أفراد وعاوز أدبر لهم لقمة العيش.. المهنة بتاعتنا دي خطر بس أكل العيش مر، والواحد لازم يشقى ويتعب علشان يقدر يصرف على بيته وعياله، وإن كان عليَّ الخطر فالأعمار بيد الله، وكل واحد مكتوب له عمر وأجل ربنا يعلمه وحده وأصعب حاجة أن الشغل بيكون على ارتفاعات عالية جدا".


ويلتقط أطراف الحديث منه زميله فكري طه وقال:" إن دي مهنة أبويا واشتغلتها علشان ده كان حلمه أني أنا مسيبهاش وفلوسها حلوة وأنا شغال عليها بحس كأني ماشي على الأرض من غير خوف، واتعودت على الارتفاعات العالية، والمهنة محتاجة قلب جامد ومش أي حد يقدر يشتغلها، والمهنة عاوزة تركيز عالي والمشكلة في السهو والنسيان وأن عقل العامل يسرح وهو بيتنقل رجله تنزل يبقى يا رحمن يا رحيم عليه".

وتابع: "المهنة كلها خطورة وصعبة وبتسبب ألما كبيرا في الذراعين والظهر بعد التقدم في السن وكثرة الشقاء، لكن هي مكسبها كبير أحسن من مهن أخرى، حيث يصل دخل العامل شهريا 5000 جنيه ويزيد، والحمد لله الدخل بيكفي مصاريف البيت والعيال".
الجريدة الرسمية