رئيس التحرير
عصام كامل

عودة قارئ الجمعة.. «الأوقاف» تنتصر على السلفيين في معركة «البدعة».. عثمان بن عفان صاحب الفكرة.. مصطفى إسماعيل أشهر قراء السورة.. وتهيئة المصلين للخطبة أبرز المكاسب

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

قبل أن يتوغل السلفيون في المجتمع المصري، كان لقارئ الجمعة في مساجد مصر حضور طاغٍ، وكان ملايين المصريين يذهبون إلى المساجد مبكرا قبيل صلاة الجمعة، يستمعون إلى ما تيسر من كتاب الله، من أصوات عذبة تصدح بالقرآن، قبل صعود الإمام المنبر؛ لتهيئة حواس المستمعين للخطبة، لكن هجمة شرسة على وزارة الأوقاف من قبل متشددين، بعد صعود تيارات الإسلام السياسي إلى السلطة، أجبرت الوزارة على التراجع بضع خطوات للوراء، وألغت “قارئ الجمعة”، بدعوى أن تخصيص قارئ لتلاوة القرآن قبل صلاة الجمعة بدعة، لم يرد نص بها في الكتاب أو السنة.


العودة
خطوات جديدة اتخذتها وزارة الأوقاف تشير إلى قرب عودة “قارئ الجمعة”، بعدما أعلنت الوزارة عن مسابقة للأصوات الحسنة من المسجلين بالنقابة والإذاعة لضمهم للقراءة في المساجد الكبرى بمختلف المحافظات.

عدد من كبار القراء كشفوا لـ”فيتو” كيف كان لقارئ الجمعة في الجامع الأزهر الشيخ مصطفى إسماعيل دور كبير في تجمع الحشود التي كانت تأتي من محافظات الجمهورية لسماعه، وهو ما دفع الملك فاروق لإصدار قرار بضمه إلى قراء القصر الملكي.

وتحدث القراء عن أبرز المساجد التي كانت تهتم بـ “قارئ الجمعة” وعلى رأسها مساجد: الحسين، والسيدة زينب، والسيدة نفيسة، ومسجد النور بالعباسية، وأوضحوا أسباب تراجع قارئ السورة، بعد صعود التيارات المتشددة التي زعمت أن ذلك من البدعة.

حرية الاختيار
من جانبه قال الشيخ محمد صالح حشاد، نائب نقيب القراء وقارئ السورة بمسجد النبى دانيال، إن فكرة قارئ السورة أو قارئ الجمعة قديمة جدا، وبدأت في المساجد الكبرى، على مستوى الجمهورية، وانتشرت لتشمل جميع المساجد التابعة لوزارة الأوقاف، ولكنها تلاشت واندثرت بمرور الوقت في العصر الحديث، وأصبحت مقصورة فقط على عدد من المساجد كالحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة، وكان القارئ يحرص على قراءة سورة الكهف فقط قبيل صلاة الجمعة، ومع التطور الحديث أصبح هناك حرية في اختيار القارئ السورة التي يقرأها.

وأضاف: ”كان القارئ يحصل على مكافأة شهرية قدرها 60 جنيها، وكان هناك قديما قارئ يسمى قارئ العصر، ويقرأ ما بين 10 دقائق وربع ساعة، وكان وجوده شيئا مهما وأساسيا، ثم اندثرت الفكرة بعد ظهور التيارات السلفية المتشددة، التي وصفت قراءة القرآن في المساجد بالـ”بدعة”، سواء في صلاة الجمعة أو العصر، واستطاعت تغذية الناس بأفكارها المتطرفة وبدأت الحكاية تنقرض بمرور الوقت.

“قديما كان قارئ السورة بالجامع الأزهر له شعبية طاغية، ولكن لم يعد الأمر كما كان في السابق، بعد خروج الجامع الأزهر من تبعية وزارة الأوقاف”.. هذا ما يؤكده الشيخ محمود الطوخى قارئ السورة بمسجد النور بالعباسية القارئ بالإذاعة والتليفزيون.

الجمهور
ويضيف “الطوخي”: ”قديما كان جمهور المستمعين يذهبون إلى الجامع الأزهر رغبة في سماع قرآن الجمعة من شيخ بعينه.. وكان الناس يأتون من جميع محافظات الجمهورية للاستماع إلى الشيخ مصطفى إسماعيل، صاحب الحنجرة الذهبية الذي عين قارئا للسورة في الأزهر بأمر من القصر الملكي قبل اعتماده بالإذاعة، كما كان الشيخ محمد محمود الطبلاوي قارئ سورة في الأزهر، وبعد تولي مشيخة الأزهر إدارة المسجد، أصبحوا يأتون بأى قارئ ليس من الإذاعة، مما أفقده رونقه الخاص، وأصبح مهمشا مع أن الجامع الأزهر هو رمز مصر”.

“الطوخي” أكد أن أول من سن قراءة السورة في المساجد هو سيدنا عثمان رضي الله عنه، بعد أن توسع الإسلام وانتشر وزاد عدد المسلمين، مشيرا إلى أنه عندما كان يذهب المصلون للمسجد بعضهم كان ينام والبعض الآخر يتحدث في أمور الدنيا قبل صلاة الجمعة، وهو ما دفع سيدنا عثمان لاختيار صاحب صوت ندي يقرأ القرآن، ويجمع الناس حوله إلى أن يصعد الإمام لأداء خطبة الجمعة، منوها بأن من يسمون أنفسهم السلفيين في مصر يحرمون ذلك، وأنه أثناء زيارته للسعودية وجد نفس الشيء من بعض التيارات المتشددة في أكثر من منطقة.

وأكد أن قراءة السورة قبل الجمعة لها مردود إيجابي لدى المستمعين، مشيرا إلى أن مصر بلد الروحانيات وقراءة القرآن قبل الخطبة مهمة جدا فهي تهذب المشاعر وتجعل الناس في حالة خشوع تام، وبعضهم يبكي أثناء تلاوة القرآن، وإذا ما أحسن إمام وخطيب المسجد استغلال تلك التلاوة التي تسبق الخطبة ووظفها بشكل صحيح خرج الناس كالملائكة من المسجد.

25 عام تلاوة
الشيخ فتحي عبد الرحمن قارئ السورة منذ 25 عاما في مسجد السلطان أبو العلا، تحدث عن اهتمام الدولة المصرية منذ زمن سحيق بقارئ الجمعة قائلا: «كانت قراءة القرآن في مصر فترة حكم الملك فاروق ذات طابع خاص، فكان في ذلك الوقت يتنافس عمالقة التلاوة في الدولة المصرية وكان «فاروق» يحرص على سماع القرآن بأصوات: الشيخ مصطفى إسماعيل قارئ الجامع الأزهر، وعبد الفتاح الشعشاعي في مسجد السيدة زينب، والشيخ طه الفشني، في مسجد الحسين.

وعن ضوابط وشروط الأوقاف لضم قارئ السورة بالمساجد الكبرى قال الشيخ محمود الخشت، قارئ السورة بمسجد السيدة نفيسة: “الأوقاف تضع مجموعة من الاختبارات من بينها اختبار الصوت ومن يجتازها يتم توزيعه في أقرب مكان”.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية