رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

حوادث الثأر تغرق الشارع المصري.. سياسة «حقي بدراعي» تطغى على العدالة الناجزة.. خبير قانوني: زيادة عدد القضاة وإصلاح سياسات الضبط والإحضار «الحل».. وخبير نفسي: الدولة غائبة عن تنمية

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

غلبت سياسة «حقي بدراعي» على الشوارع المصرية، فلم تعد قضية الثأر مقتصرة على محافظات الصعيد فقط، ولكن في المجتمع أجمع، فبين الحين والآخر، تتصدر جرائم الانتقام الجرائد المصرية، ففي حالة تعدي مواطن على آخر يرد الأخير بطريقة أبشع من سابقه، فتحول المجتمع إلى ما أشبه بالغابة، وتفشت الفتونة بشكل مبالغ فيه.


الواقعة الأولى
منذ أسبوع، استيقظ المصريون على حادث مؤلم، بتعدي مجموعة من البلطجية على شاب "زين العابدين" في منطقة صفط اللبن، وسحله وتجريده من ملابسه في الشارع، وطعنوه عدة طعنات، وقيدوه في توك توك، واستكملوا سحله، وأخذ المتهمون يطلقون وابلا من الأعيرة النارية في السماء؛ لإبعاد الأهالي عن إنقاذ المجني عليه.

جاء ذلك، إثر مشاجرة بين الشاب «زين العابدين» القتيل وأسرة الجناة؛ بسبب خلافات بينهم عام 2014، وحينها انتهت المشاجرة بإطلاق زين أعيرة نارية من فرد خرطوش، أدت إلى إصابة فتاة من العائلة الأخرى، نتج عنها انفجار عين الفتاة، التي أصيبت بطلق خرطوش، وعقب شهور من المشاجرة، كانت الفتاة في منزل عائلتها تقوم بتنظيف "مروحة كهربائية"، فأصابتها صاعقة أدت إلى وفاتها، فقام والدها بربط وفاتها بالإصابة التي تعاني منها، وعدم رؤيتها للأشياء بصورة جيدة، وبدأ يبحث عن "زين" للانتقام منه.

الواقعة الثانية
واليوم وفي واقعة جديدة، اعتدى أب على سائق في منطقة المريوطية أسفل الكوبري الدائري، وطعنه أكثر من طعنة بسكين في الشارع، ولم يتركه إلا وهو غارق في دمه.

وفي التحقيقات اعترف العامل باعتدائه على الشاب، قائلا: إن نجلته تبلغ من العمر 17 عاما، تبيع المناديل أسفل كوبري المريوطية في ساعات مختلفة على مدار اليوم، وفوجئ بنجلته تخبره بفرض شخصين من المنطقة سيطرتهما وممارسة البلطجة، وأجبراها على التحرك معهما تحت تهديد سلاح أبيض، واقتادوها في مكان بعيد عن الأعين أسفل الكوبري، وتناوبا الاعتداء عليها واغتصابها.

وتابع الأب: "زي أي راجل، خدت سكينة، وجريت أدور عليهم، لقيت واحد منهم، ومسكته، وحاولت أجره للقسم، قعد يضرب فيا وحاول يهرب، رحت طاعنه في بطنه مرتين بالسكينة، وشفيت غليلي وأنا شايفه سايح في دمه، واستنيت الحكومة تيجي".

الحالة النفسية
وعن سبب تفشي ظاهرة الثأر في المجتمع المصري، يقول "شادي طلعت" مدير اتحاد المحامين للدراسات القانونية، أن القانون يراعي الحالة النفسية للمواطن إذا رد على الاعتداء واعتدى على المعتدي في الحال، وكان معه سلاح، يتم معاقبته عقوبة مخففة مع إيقاف التنفيذ، وينظر القانون لذلك على أنها قضية دفاع عن النفس.

وتابع، أما إذا مرت ولو دقيقتين على الواقعة، تختلف نظرة القانون هنا؛ لأن العدالة ينبغي أن تكون بيد السلطة وليس الأفراد؛ لأن الاعتداء هنا يعد خروجا من السياسة التشريعية لسياسة الغابة، مؤكدا على أن المتهم في هذه الحالة يعاقب على الجريمة عقوبة كاملة.

الحل
وللتخلص من تلك السياسة، وتجنب تغلبها على طابع المجتمع المصري، طالب "مدير اتحاد المحامين" إجراء إصلاحات في التشريعات الجنائية لتحقيق العدالة الناجزة السريعة، وتوسيع سلطة الضبط والتفتيش من قبل مأمور الضبط القضائي، منوها؛ القضايا في المحاكم كثيرة جدا، ولابد من إيجاد حلول لها.

وأشار إلى أن القاضي ينظر في ما يقرب من 200 قضية يوميا، من الصعب أن يتمكن من النظر في كل هذه القضايا وهو في كامل تركيزه، وبالتالي، يتم تأجيل القضايا أكثر من مرة، كل ذلك في حد ذاته يتطلب زيادة أعداد القضاة، لنتمكن من أن نسير بنفس السرعة القضائية المعتادة عالميا للحكم في القضايا.

العدوان
وعلى الجانب النفسي، يقول "أحمد الباسوسي" استشاري الطب النفسي: إن الدولة غائبة عن تنمية وعي الشخص، مشيرا إلى أن بعض المناطق في مصر يعتبرون الدولة غير موجودة، وهو فكر موجود لدى قطاع كبير من الشباب، فهو نوع من العدوان، بعدما غابت العدالة عن المجتمع، وانتشرت سنوات الفوضى في الفترة الأخيرة؛ بسبب اعتقاد أن الحق لن يأتي إلا باليد، مؤكدا على أن بداية جذور بلطجة الانتقام جاءت على يد رجال الأعمال.

العدل والثأر
ومن جانبه، قال "جمال فرويز" أستاذ علم النفس السياسي، لو أقمتم العدل لاختفى الثأر، مشيرا إلى أن المتعدين لم يحصلوا على حقهم بالكامل، وبالتالي قرروا أن يأخذوه باليد، وفي نفس الوقت تشجعهم المسلسلات التي امتلأت بالثأر والدم على تقليد ذلك، فضلا عن انحدار الثقافة التي أصبحت تحتاج إلى كثير من الوعي.
Advertisements
الجريدة الرسمية