رئيس التحرير
عصام كامل

ظلم اجتماعي!


رحلاتي داخل البلاد في السنوات الأخيرة كانت معظمها من نصيب الصعيد، وتحديدا بالترتيب المنيا، وأسيوط، وقنا، وسوهاج.. وفي كل هذه الرحلات كان يستفزني ويثير غضبي كثيرا مظاهر الفقر، خاصة الفقر المدقع الذي تعاني منه هذه المحافظات، والتي تستأثر بالنسبة الأكبر من بين القرى الأكثر فقرا في عموم البلاد، طبقا للدراسات الرسمية والحكومية التي حددت القرى الأكثر فقرا لدينا، والتي يبلغ عددها نحو الألف قرية.


والأسبوع الماضي سافرت إلى المنيا للمشاركة في مؤتمر المرأة المصرية والأمن الإنساني، الذي نظمته هيئة قصور الثقافة بالتعاون مع الهيئة القبطية الإنجيلية في أطسا.. واستخدمت في سفري هذه المرة القطار الذي يشق طريقه وسط القرى والحقول.. وهالني ما شاهدته طوال الرحلة من نافذة القطار من مظاهر فقر شديدة وصارخة، تمثلت في مبانٍ وملابس رثة، وحياة بائسة لا آدمية، فضلا عن عشوائية طاغية تنطق بغياب تام في مناطق كثيرة للدولة ومؤسساتها، سواء الحكومية أو غير الحكومية مثل منظمات المجتمع المدني التي ارتاحت السلطة التنفيذية للعمل مع أربع منظمات كبيرة منها، وتجاهلت جمعيات أخرى يمكن أن تفيد كثيرا ليس فقط في العمل الخيري، وإنما أيضا في العمل التنموي.

لقد كنت أعرف بحكم متابعتي لدراسات التعبئة والإحصاء زيادة نسبة من يعيشون تحت خط الفقر في العقود الأخيرة.. لكن أن تعرف ذاك أمر يختلف عن مشاهدته بالعين، أو بالأصح أن تصدمك رؤيته، خاصة إذا استدعيت في ذات الوقت مظاهر الغنى الهائل والثراء الفاحش والإنفاق الترف الضخم في بعض مناطق البلاد.. مشكلتنا لا تقتصر فقط على زيادة نسبة من يعيشون تحت خط الفقر، وإنما أيضا في زيادة الفوارق الاجتماعية أيضا.. وهذا ظلم اجتماعي يحتاج منا مواجهة شاملة وعاجلة أيضا.. ولعل الحكومة تراعى ذلك في رؤية ٢٠٣٠، التي يتم إعادة مناقشتها مجددا.
الجريدة الرسمية