رئيس التحرير
عصام كامل

هالة ممدوح تكتب: وماذا بعد؟

فيتو

غبت طويلًا عن الكتابة، حاولت مرارًا أن أكتب عن الرضا الذي يسكنني، أو بمعنى أدق يغمرني ولكنني فشلت، شعرت بأن أي كلام أكتبه مبتذل، أحببت أن أمتلئ بهذا الشعور للأبد وخشيت أن أكتبه فيتسرب مني.


أعرف أنني حين أكتب عن حزني أغسل نفسي منه، أفرغ منه قليلًا لأنه لم يعد داخلي متسعًا للمزيد، ويبدو أننا لهذا السبب نبخل بالكتابة عن السعادة، كل ما أتمناه أن أكتب عن فرحي بالصدق نفسه الذي أكتب به عن الحزن، وأن يستقر فرحي في أعماق قلبي تمامًا مثلما يستقر الحزن، ولكنني أعرف أن السعادة شعور سريع التبخر والتلاشي، فأفضل الرضا لأنه أسمى وأبقى ولا يخلو أيضًا من بعض الحزن الرقيق، دائمًا كنت أفكر.

لماذا نلتقي بأحدهم فنسمع صوتا بداخلنا يردد "كم كان رائع لو كنا التقينا في وقت سابق، قبل أن نعرف الخيبات والخذلان والوجع" ذلك الوقت التي كانت قلوبنا تصلح للحب.

أشعر أيضًا أن السعادة موصومة دائمًا بالوهم، نتوهم أنهم كما نظنهم فنسعد لذلك، ونتوهم أن ما نعيشه يدوم ونسعد لذلك، ولكن الرضا يحمل ذلك الصدق الناضج، نعلم أنهم ليسوا تمامًا كما نريد ونرضى لأننا نحبهم، نعلم أيضا أن كل ما نعيشه مؤقت لا محالة ونقنع بهذا القليل الذي نتمتع به.

رددتُ لنفسي كثيرًا بيت الشعر ”أومِنُ أنَّ أعوامًا عِجافًا يعوِّضُها القليلُ مِنَ الثوانِي“، ولكنني وقتها لم أكن ”أؤمن كنت أحلم بأن يعوضني الله عن أعوامي العجاف بالقليل من الفرح".

لا أعرف كيف رد الله لي روحي التي تسربت مني قطعة قطعة، عادت كما ذهبت دون أي تدخل مني، في البداية داخلني الخوف من أن أفقدها مجددًا، ولكنني بعد بعض الوقت، والتفكير ربما أو بدون سبب ربما، وجدتني راضية، راضية بوجودها وقانعة بأنها لن تدوم طويلًا، ومتقبلة ذلك.

لا أعرف ماذا تغير مؤخرًا، ربما ما تغير هو أنني غادرت قوقعتي قليلًا؟ أم أن حجابًا بيني وبين كل ما يمكن أن يمدني بالثقة انكشف.

كل الوجوه التي قابلتها كنت أبحث فيها عن شيئين لا أكثر.. الرضا والصدق، رأيت الأول كثيرًا على عكس ما توقعت، ولكنني احترت كثيرًا في الصدق، للمرة الأولى أشعر أنه أحيانًا ما يكون الإفراط في الصدق كذبًا، تعلمت الكثير والكثير لكي أتأكد أن أشد الحروب قسوة تلك التي تدور بين شيخوخة عقلك وطفولة قلبك.
الجريدة الرسمية