رئيس التحرير
عصام كامل

محمد عطية يكتب: العودة إلى أفريقيا بين الأسود

محمد عطية
محمد عطية

منذ عصر الفراعنة وأفريقيا هي الامتداد الطبيعي لمصر فمن لا يعرف رحلات حتشبسوت إلى بلاد بونت الصومال حاليا ومع العصر الحديث ووصول محمد علي إلى دفة الحكم حاول جاهدا أن يصل بحدود مصر جنوبا إلى السودان وبالفعل أنشأ مدينة الخرطوم عاصمة السودانية الحالية وليكمل المسيرة من بعده ابنه الخديو إسماعيل فيضم إليه المناطق الاستوائية وأجزاء من كينيا والصومال ويحاول الدخول إلى إثيوبيا لضمان مياه النيل لكنه فشل في الأخيرة وكان لهذا الدور عند هذه المرحلة أن تنبهت الدول الاستعمارية لخطورة الدور المصري في أفريقيا فحاولت جاهدة إفشال مصر عن أن يكون لها إمبراطورية أفريقية وكان الرد البريطاني في احتلال مصر ومن بعدها فرض اتفاقية الحكم الثنائي للسودان 1889 كمحاولة لإخراج الحكم المصري المباشر للسودان.


ومع قيام ثورة 1952 عادت مصر بقوة إلى أفريقيا واعتبر جمال عبد الناصر زعيم التحرر ورمز قوة الشعوب فكانت الدبلوماسية المصرية تتطل بقوة أكثر من الدول العظمى في محبة وإعجاب بالدعم المصري أمام قوى الاستعمار آنذاك.

استمر هذا الدور بشكله المعروف وأن تغير مع دخول الولايات المتحدة إلى التحالف مع مصر في عهد السادات ومن بعده حسني مبارك فقد كانت النظرة إلى الرعب أكثر منها إلى الحب فالبطبع أن أكون مدعوما في قرراتي بالقوة العظمى الرأسمالية فالأمور تختلف عن سابقتها فكان شعار حسني مبارك فليحظر الجميع.

وكانت حادثة إثيوبيا ومحاولة الاغتيال الفاشلة للرئيس مبارك عنوانا لرد الفعل لهذه السياسية التي تأمر وراء تنفيذها قوة أفريقية منها سودانية أو حتى تقصير أمني إثيوبي متواطئ.

لكن كان من نتائج الحادثة المقاطعة الكبرى لمصر لأفريقيا لمدة كبيرة من الزمن لتكون بدلا من سياسة العصا والجزرة السابقة إلى سياسية جديدة إنها العصا فقط، ومع اندلاع ثورة يناير استغلت بعض الدول الأفريقية الأوضاع الصعبة التي عاشتها مصر للتنكيل والانتقام فكانت الفاجعة البدء في سد النهضة وللأسف جاء عهد مرسي والإخوان بمزيد من الفوضى وإطلاق العبارات بلا تعقل ولا إدراك ولا تنسيق مع القوى الداخلية والخارجية ليزداد الطين بلة.

وما لبث المصريون أن عاد لديهم الأمل مع رئيس ذو خلفية عسكرية مخابراتية وهو عز الطب كما نقول نحن المصريون ولو اخترنا لما كان لنا من كمال الطلب.

كان أمام الرئيس عدة تحديات منها العودة في وسط الأسود عليك أن تعود بمصر إلى الغابة الأفريقية أن تقف أمام الدول التي تسربت إلى أمن مصر القومي في وقت الفوضى المصطنعة أمام قوى تركية وإسرائيلية وإيرانية يالها من مهمة فكان قرار زيادة تسليح الجيش المصري ثم قرار التعاون مع البنك الدولي فالمصلحة المالية للدول المدينة تفرض عليها أن تستطيع مصر تسديد الدين وعلى هذا كمطلب من البنك الدولي الدائن لمصر سوف يكون طرف لا يسمح بأي أضرار اقتصادية لمصر ناتجة عن بناء سد النهضة وهكذا دخل طرف آخر إلى أوراق الضغط المصرية.

ثم كانت الضربة الكبرى بوجود قاعدة عسكرية مصرية على أرض جيبوتي التي أقضيت مضاجع كلا من السودان وإثيوبيا في آن واحد، وأخيرا إنها المفاوضات المصرية الأثيوبية السودانية التي مرت بمراحل صعبة وحساسة لكنها لن تكون الحاسمة فمعطيات الأمور تثبت ضلوع أطراف أخرى علينا جميعا أن ننتبه إليها وأن نقف مع القائد المصري السيسي جميعا فهو الآن أصبح يمثلنا ليس الآن فقط لكن لأنها قضية الآن وغدا والمستقبل فدون أفريقيا ودون النيل أين نجد الحياة بالتوحد هو المطلب الأساسي لنا في معركة الوجود ودونها نفقد كل شيء.
الجريدة الرسمية