رئيس التحرير
عصام كامل

بعد مناقشة النواب لقانون تقنين مهنتهم.. البوابون: «محدش حاسس بينا»

فيتو

أكثر من مليون مواطن مصري تنحدر أصوله ما بين الريفية والصعيدية، خاصة أقصى الصعيد، توزعوا على كافة أنحاء القاهرة الكبرى، ما بين الحي الشعبي والهادئ الإرستقراطي، يشغلون منصبا مهما للغاية، يحسبه البعض عصب الحي وعمود أبنيته الفقري، إنهم "البوابون" أو حراس العقارات، تلك الفئة التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تسير حياة قاطني العقار، خاصة أصحاب الطبقات العليا، بدونهم، ليصبح بالفعل "صاحب الإدارة بواب العمارة"!، مما يضع هذه المهنة في موضع اهتمام وعناية، بعد أن تركت للصدفة تنظمها وتضع قوانينها.


هذا ما دفع النائب محمد الحسيني، وكيل لجنة الإدارة والتنمية المحلية بمجلس النواب، بتقديم مقترح أو مشروع قرار، من شأنه أن يقنن هذه المهمة، في إطار قانوني ورسمي سليم، فدعا إلى إصدار رخصة لكل حارس عقار، لتحديد الجهة التي يعمل بها، حتى لا تندس عناصر غريبة عليها حيث سيتم وفقًا للقرار، تدشين قاعدة بيانات خاصة بكل حارس عقار في نطاق القاهرة الكبري، مما يوفر أيضًا الرعاية والأمان للبواب وأسرته.

وقبل أن تتم مناقشة القرار وتحويله من قول إلى فعل رسمي، تجولت "فيتو" في بعض المناطق والأحياء التي يتواجد بها حارسو العقارات، القادمين من مختلف قرى وأقاليم الجمهورية، خاصة الصعيد والفيوم، لمعرفة تأثير هذا القرار عليهم، ومدى حاجتهم له من عدمه، وهل بالفعل وصل مشروع القرار إلى آذانهم أم مازالت الفئة الأكثر لا مبالاة، كما يراها البعض.

أمام أحد عقارات ميدان سفنكس بالمهندسين، جلس عم محمد 63 سنة، حارس عقار منذ 13 عامًا، أمام مدخل العقار ذي السبعة طوابق، بعد يوم عمل شاق، ما بين إيصال طلبات وتنظيف المدخل وغيرها من المهام الثابتة كل يوم، ورغم القانون المنتظر بشأنه وأقرانه، إلا أن صداه لم يصل لمسامعه، ابن محافظة الفيوم الذي ترك عمله كعامل بأحد مصانع السويس منذ أكثر من عشر سنوات، ليلتحق بمهنة حراسة العقار، منذ ذلك الوقت، حينما سئل عن رأيه في مشروع القرار الذي سيعطيهم رخصًا لمزاولة المهنة أجاب وجهه العجوز بابتسامة ساخرة قائلًا: "أنا لا سمعت عن ترخيص ولا تأمينات ولا حاجة، إحنا محدش حاسس بوجودنا بالأساس، ربيت ولادي وجوزتهم من المهنة دي، ولما حسيت إني كبرت رحت من نحو 3 سنوات، عملت وثيقة تأمين تنفع أولادي لما أموت، أنا عارف إن القرار حبر على ورق، لكن حتى لو طبقوه إحنا في المهنة دي بالملايين، وهيفشل تطبيقه، ومش هيغير من الوضع شيء".

على الجانب الآخر رأى محمود 23 عامًا، ابن حارس عقار بشارع البطل أحمد عبد العزيز بالمهندسين، أن القرار يجب تطبيقه بالفعل، لأن والده يعمل منذ ثلاثين عامًا في هذه المهنة، ومع ذلك لا يملك ورقة واحدة تدل على مهنته كحارس للعقار، "أبويا معرض في أي يوم للطرد، جاء من كوم أمبو من سنين لمزاولة المهنة دي لكنها خطر وملهاش أمان، وكذا بواب أعرفه استغنوا عن خدماته بين ليلة وضحاها، ولم تكن له دية"، محمود الذي يعمل في إحدى شركات المقاولات صباحًا ثم يأتي لمساعدة والده في تلبية طلبات السكان، تمنى ألا يتحول القرار إلى مجموعة تصريحات وكلمات مزخرفة تتراص بجوار بعضها، بينما تظل مهنة حارس العقار عرضة للخطر أو اندساس عناصر مجهولة عليها.

هذا ما أيده أيضًا عبد الرحيم، حارس عقار بشارع الصالح أيوب بمنطقة الزمالك، خاصة بعد أن تعرض منذ عدة أشهر للتوقيف من قبل قوات أمنية تابعة لقسم شرطة قصر النيل، بعد أن وجدوا في بطاقة هويته أنه لا يعمل في حين، أكد لهم عشرات المرات أنه يعمل حارسا لعقار منذ عشر سنوات، يقول عبد الرحيم: "لولا إن الجماعة السكان استغيبوني يومها وسألوا أنا فين، حارس عقار جنبنا قال لهم ده اتمسك في القسم وخرجوني، أعتقد لو الرخص دي متواجدة محدش هيقدر يكلمنا وأي حد هيوقفنا هنشهرها في وجهه، كمان هتحافظ على مستقبل أولادنا من بعدنا، خاصة الفئة غير المدرجة ضمن هيئة أو شركة"، يشير عبد الرحيم إلى حراس العقارات التابعين لهيئات أو شركات عامة أو خاصة، يحصلون بصفة آلية على ترخيص العمل وشهادات التأمين منذ اليوم الأول من عملهم، أما هم "البوابين باليومية" فعرضة دائمًا للمضايقات والاندساس، "إحنا من شهر اتجمعنا وعملنا وثيقة أمان اللي أصدرها الرئيس السيسي، خوفًا على أولادنا من بعدنا ولتأمين مستقبلهم، لو أصبح لنا جهة رسمية تتكلم بصوتنا، كل حقوقنا ستتوفر".
الجريدة الرسمية