رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مصر تعرف مكان الفخ !


التقرير الذي نشرته أول أمس صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، لم يحظ بالقدر الكافي من الضوء، ربما لأن ما فيه من معلومات لا ينبغي أن يري الضوء، وربما لأن الأطراف التي ورد اسمها في التقرير لا تزال تزن مكاسب وخسائر الحريق في الإقليم.


تريد الولايات المتحدة الخروج من سوريا، وأن تتولي قوة عسكرية عربية مواجهة داعش والأتراك والإيرانيين والجيش السوري والقوات الروسية في شمال سوريا، حيث يتمتع المقاتلون الأكراد وفصائل من المعارضة المسلحة الخائنة لوطنها، بالحماية الأمريكية. يريدون قوات من مصر ومن السعودية ومن الإمارات ومن قطر، وأربعة مليارات دولار من السعودية لاسترداد شمال سوريا من مقاتلي داعش.

التفاصيل مخيفة، وخطة توريط مصر تبدو فجة وعارية. قالت الصحيفة الأمريكية المتخصصة في المال والأعمال، إن "جون بولتون" مستشار الأمن القومي الجديد للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبلغ مصر برغبة الولايات المتحدة في إشراكها في قوة عربية، تحل محل القوات الأمريكية، لتواجه داعش في شمال سوريا!

لم ترد السلطات المصرية، حتى وقت نشر التقرير على الطلب الأمريكي الغريب، غير أن عادل الجبير وزير الخارجية السعودي خرج أمس في مؤتمر صحفي ومعه الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش" وقال "إننا نناقش هذا الموضوع حاليا مع الإدارة الأمريكية وكنا ناقشناه منذ بداية الأزمة السورية مع الرئيس باراك أوباما" إذن فالشقيقة السعودية هي من اقترحت تأليف قوة عربية إسلامية تتدخل في سوريا!

ونذكر أن ترامب نفسه تذكر، ربما ذلك العرض المغري، فأعلن عن نيته القوية بسحب ٢٠٠٠ جندي أمريكي من الشمال السوري في منبج وغيرها، بعد أن تحققت هزيمة داعش تقريبا في الرقة وفي أجزاء أخرى من سوريا، ولم يلبث ترامب أن غير رأيه فجأة بعد تقارير لم تتأكد عن ضلوع الحكومة السورية، ومعها الروس، في ضرب المدنيين في بلدة دوما بالكيماوي!

عندئذ توقف ترامب عن خطاب الانسحاب، وقرر قيادة ١٠٥ صواريخ من بلاده وبريطانيا وفرنسا، لضرب ثلاثة أهداف اعتبرها حيوية لإنتاج الأسلحة الكيماوية. لماذا غير رأيه؟ هل تلقى ثمن الصواريخ من دول في الخليج؟ لماذا عاد وطلب تجميع قوة عربية تحارب معركة داخل دولة عربية ذات سيادة؟ ما مصلحة الشقيقة السعودية في التورط في حرب جديدة علنا في سوريا، وهي تتحمل أعباء حرب في اليمن؟

وبفرض المستحيل واشتراك مصر فهل ستحارب مصر جنبا إلى جنب مع قوات قطرية ولو كانت أنفارا؟ ولو دخل الجيش السوري تلك المنطقة من بلاده فهل تتصدي له وللقوات الروسية والإيرانية القوات المصرية والسعودية والإماراتية وغيرها؟

المعلومات تقول إن معظم القوات الكردية التي نجحت في سحق داعش لم تلبث أن فرت إلى موطنها في عفرين لمواجهة القوات التركية الغازية، ويقوم حاليا من ٥٠٠٠ آلاف مقاتل إرهابي إلى ١٢ ألف داعشي بإعادة تجميع أنفسهم، والعودة إلى مناطق سقطت من النظام السوري تحت الحماية الأمريكية.

هذا فخ فج، وبالطبع ندرك تماما أن مصر لن تبتلع هذا المكر السيئ، فالجيش المصري لم يخرج إلا في حرب تحرير الكويت، حيث شارك ٣٠ ألف جندي مصري بقرار من الجامعة العربية لصد العدوان عن بلد عربي غزاه بلد عربي، ولن يخرج هذا الجيش إلا لحماية أمن الخليج، ليس غازيا بل مدافعا، ولدينا ألف كيلومتر حدودا مع ليبيا، وحدود شمالية وجنوبية وشرقية، وعقيدتنا هي جيشنا يحمي الحدود، ولا يغزو بلدا عربيا أو غير عربي!

يعرف الأمريكيون ذلك، لذلك تضمن عرض المشاركة المصرية بأن تتولي مصر تدريب جيش الخونة، من وجهة نظري، لكي يواجه جيش سوريا الوطنى. تخيلوا المشهد كما يلي لو تحققت الرغبة السعودية الترامبية:

قوات عربية، من السعودية والإمارات ومصر، مثلا مثلا، ومعهم قطر، وبينهم هم الأربعة قطيعة وحرب إعلامية ودبلوماسية!
قوات عربية، لها علاقات بروسيا التي تدعم الأسد، وقد تشتبك هذه القوات مع الروس، ولمصر مثلا مصالحها الإستراتيجية مع روسيا، وكذلك السعودية، ثم قد تشتبك هذه القوات مع تركيا، ومع إيران، ويختلط الحابل بالنابل، وتحترق القوات والأموال، ويجنى ترامب المليارات! وترقص إسرائيل على أشلاء الجيوش العربية وتعلن انتصارها النهائي.

كيف يروننا؟ أأغبياء في نظرهم إلى هذا الحد أم أن الغبي من يدس أنفه في وطن الآخرين؟ ليس غبيا بل أحمق وصفات أخرى.
Advertisements
الجريدة الرسمية