رئيس التحرير
عصام كامل

أول نحات على الرمال: الصعيد يطرد المواهب.. وقصور الثقافة «زي عدمها» (فيديو)

فيتو

عند الدخول إلى مدقات القرية، نجد بيوتًا ملاصقة، لا يفصل بينها سوى أبواب خشبية، وبكل دار يوجد فناء أمامي يسمى "الدروة"، كما يطلق عليها أهالي الصعيد الجواني، بمحافظة قنا، وبجوار تلك البيوت القديمة، المبني أغلبها بالطوب اللبن، "فرن بلدي"، تنبعث منه رائحة الخبز الشمسي، الذي ينتظره الأطفال؛ ليتناولوه بالسكر والسمن البلدي.. في تلك البيئة الريفية نشأ النحات والرمال والشاعر "مبارك عبد الرحيم".


"فيتو" انتقلت إلى القرية لتتعرف على المزيد من حياة الرمال مع النحات والشاعر "مبارك"، ابن قرية الكويت التابعة لمركز دشنا شمال محافظة قنا، تلك المدينة التي تضم بين جنباتها قرى عديدة تشتهر بتجارة السلاح والمخدرات حتى أطلق على البعض منها "قرى الدم والنار"؛ ليخرج منها هذا الفنان الذي لايزال حبيس جدران الإهمال والتهميش في قرى الصعيد الجواني.

الإسكندرية ملهمة الصعايدة
قال "مبارك": "بدأت هذا المشوار منذ 10 سنوات، ولم تكن حرفة أو مهنة بالنسبة لي، بقدر ما هي إلا هواية، أصبحت تُمثِّل جزءًا كبيرًا من حياتي، خاصة أن النحت على الرمال صعب للغاية، وذلك دفعني إلى النحت على الصخور والخشب وعمل أشكال مختلفة منها، بالإضافة إلى موهبتي الشعرية لفن "الواو"، إلا أن هذا الشيء لم يجد طريقًا للنور حتى اللحظة؛ بسبب التهميش الذي تعيشه قرى كثيرة بالصعيد الجواني.

بداية اكتشاف الموهبة
وأضاف "مبارك" لـ"فيتو": "اكتشفت تلك الموهبة الخاصة بفن النحت على الرمال أثناء وجودي في محافظة الإسكندرية، ووجدت الكثير من الأشخاص يقومون بعمل قلاع ورسومات بالرمال، وقمت بالتجربة، حتى وصلت إلى درجة الاحتراف في بعض الأشكال الصعبة، ومنها سمكة القرش وعروسة البحر، ووقتها وجدت قبولًا كبيرًا من الأهالي، وذكروا لي أنها موهبة جميلة، يجب تنميتها ورعايتها.

النحت على الخشب
وعن كيفية تنمية موهبة الرمال، قال "مبارك": "إنني وجدت نفسي أقوم بالنحت على الخشب والحجر والأسمنت، وأقوم بعمل نماذج صغيرة من البحيرات التي تحوي كمية من التماسيح، ولدي المقدرة على عمل هذا الأمر".

وأشار "مبارك" إلى أن من أبرز الأشكال التي يقوم بنحتها على الرمال "عروس البحر" و"التماسيح" و"القرش" و"الدولفين"، وليس لدي أي صعوبات في عمل أي شيء على الرمل، لافتًا إلى أن الرسم يكون أجود وأفضل على الخشب؛ لأنه يستخرج تفاصيل أكثر بكثير تشبه الواقع.

قصور الثقافة "حبر على ورق"
وأكد "مبارك" أن هذه الأشكال لا تأخذ وقتًا طويلًا في العمل، مشيرًا إلى أن أكبر الأشكال لا تستغرق أكثر من 4 ساعات، وتثبيتها برش المياه والأسمنت حتى تظل لوقت طويل متماسكة.

وتابع: لقد عانى الصعيد لسنوات طويلة من التهميش والإهمال، والصعيد زاخر بالمواهب الفنية، لكن مع الأسف العادات والتقاليد ترفض هذه الموهبة، فضلا عن أن قصور الثقافة في قرص الصعيد مجرد "حبر على ورق"، ولا يوجد أي أنشطة حقيقية، الأمر الذي تسبب في هجرة الكثير من أصحاب المواهب إلى القاهرة؛ بحثًا عن فرصة حقيقية.
الجريدة الرسمية