رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

بعد التصعيد.. هل ستحارب إسرائيل وأمريكا إيران؟


الأسابيع القليلة الماضية شهدت تصعيدًا إسرائيليًا أمريكيًا في سوريا، الهدف المعلن من التصعيد هو استخدام نظام بشار الأسد السلاح الكيماوي في مدينة دوما وهي إحدى مدن ريف دمشق.. وقبل الضرب الأمريكية على سوريا قامت إسرائيل بضرب مطار "تي فور" الذي تسيطر عليه إيران.. هذا التصعيد المفاجئ أعاد إلى الواجهة الحرب المحتملة بين إسرائيل وإيران، حتى أصبح السؤال المطروح هل ستحارب إسرائيل وأمريكا إيران؟


قبل الإجابة عن هذا السؤال، سألني صديقي اللبناني: لماذا يستخدم بشار الأسد السلاح الكيماوي وهو منتصر؟ السؤال جاء في إشارة إلى وجود مؤامرة أمريكية بريطانية فرنسية لضرب سوريا.. كان ردي على صديقي أن أول ضحايا أي صراع مسلح ليس في الإنسان الذي يسقط مصابًا أو ميتًا، ولكن الضحية في الحقيقة هي "الحقيقة".

فصديقي لن يصدق أن بشار الأسد ضرب مدينة دوما بالكيماوي حتى وإن رأي أطفالا مصابين بالفعل، وأنا لا أصدق أن جماعات مسلحة تحتل دومًا ضربت نفسها بالكيماوي، وإن كنت لا أستطيع أن أوكد أن بشار الأسد هو من قام بذلك ليس لأن الأسد قال إنه لم يفعل، ولكن لأنه في الحرب قد لا تعرف مَنْ الفاعل. 

وكل دروس الصراع في سوريا –مثلما في كل حرب– هو أنك إن كنت تتمسك برأي في واقعة ما لا تؤكدها جميع الأطراف المتصارعة، فإنك إما متحيز لطرف ما، أو أنك لا تفهم طبيعة الحروب.

هناك ثمة أوراق مختلطة في التصعيد الأخير ضد إيران، فبشار الأسد ونظامه لا يقلقان إسرائيل ولا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.. لذلك أرى أن الضربة الأمريكية على سوريا هي اختبار لروسيا.. ومرة أخرى عندما سمع صديقي اللبناني بالضربة الأمريكية على سوريا، قال إن روسيا سترد، ابتسمت وقلت إن روسيا لن تحرك ساكنًا.. روسيا تعرف أن سوريا مستباحة، فلماذا تدخل في صراع إذا كانت الضربة الأمريكية لم تستهدف قواتها ولم تغير الموقف السياسي على الأرض؟

إسرائيل ضربت سوريا مستهدفة مطارا تسيطر عليه إيران، وبات الإسرائيليين مذعورين، وباتت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية متشائمة خوفًا من الرد الإيراني، ومعلنة أن المواجهة بين إسرائيل وإيران حتمية.. واتساقًا مع ضياع الحقيقة في أي صراع، تاهت الحقيقة عن المسئول عن ضرب مطار تي فور، فبينما أكدتا روسيا وأمريكا أن إسرائيل قامت بضرب مطار "تي فور"، فإن وزير الحرب الإسرائيلي قال إنه لا يعرف من قصف مطار الـ"تي فور" السوري، وذلك في أثناء جولة له بالجولان.

صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية التي تساءلت لماذا تحتاج إسرائيل إلى تصعيد تهديداتها تجاه إيران الآن، قالت والكلام لصحيفة هاآرتس- إن إسرائيل يجب ألا تسمح بوجود نسخة أخرى من حزب الله على حدودها الشمالية، حتى وأن كان ثمن ذلك حربا ضد سوريا وضربات ضد إيران.. صحيفة هاآرتس لم تنس أن تذكر أن ما سمته "إدارة أوباما" هي من منعت إسرائيل من ضرب إيران.. وفي خضم هذا التصعيد أيضًا، بات اللبنانيون يتوقعون نشوب حرب بين حزب الله وإسرائيل بعد ضرب مطار الـ "تي فور".

وحتى يطمئن اللبنانيون ويطمئن من يخشى من عواقب الحرب، لن تضرب إسرائيل لبنان ولن تدخل في صراع مع حزب الله.. فإسرائيل -كما كررت مرارًا- لم يعد حزب الله يعنيها في شيء.. إسرائيل ترغب في ضرب منشآت إيران النووية، ولكنها لن تقوم بذلك.. فإسرائيل كانت وما زالت تنتظر أن تكون الضربة على إيران أمريكية حتى تتجنب الزج بنفسها.. صحيفة هاآرتس قالت أن ترامب يرغب في أن تقوم إسرائيل بمفردها بضرب إيران، وهي في انتظار أن ينفذ ترامب وعده بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.

وطالما أن ترامب لن يتخذ قرارًا بضرب إيران، فلن تكون هناك ضربة إسرائيلية على إيران، ليس خوفًا من إيران في حد ذاتها، ولكن تجنبًا لمئات الآلاف من صواريخ حزب الله التي تستطيع تدمير تل أبيب، هذا بخلاف صواريخ إيران نفسها القادرة إلى الوصول لمعظم المدن الإسرائيلية.

إيران وإن ردت على ضرب مطار الـ "تي فور" فهي سترد بالمقدار الذي يهدد إسرائيل، ولكنه لن يستفزها إلى الدخول في صراع مباشر؛ لأن إسرائيل تعرف أن الدخول في صراع مباشر مع إيران يعني حرب واسعة لا يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تحدد كيف ستنتهي.

الشد والجذب بين إيران وإسرائيل قد بدأ ولكنه لن يتجاوز الشد والجذب ولن يتحول إلى صراع ذي أمواج عاتية.. إسرائيل في انتظار لحارس مصباح علاء الدين –الجني دونالد ترامب- الذي يظهر لنتنياهو فيطلب منه تخليصه من إيران ومن حزب الله دونما خسائر تتكبدها إسرائيل.

لكن الحاصل أن ترامب الذي وعد المتطرفين من الصقور الأمريكيين بعودة "الكاو بوي" الذي يحصد الدول كما يحصد "الكاو بوي" الماشية، تراجع عن تهديداته النارية تجاه كوريا الشمالية.. الحقيقة أنه لا أحد يعرف يفكر "ترامب" فمن منا توقع أن يخفض نبرته التشنجية ضد كوريا الشمالية –لا بل– ويوافق على لقاء رئيس كوريا الشمالية.

فقد يكون التغيير تجاه كوريا الشمالية إستراتيجيًا في إطار ضمان التفرغ للصراع مع إيران، وقد يعني –على العكس من ذلك– أن ترامب لن يدخل في حرب لا مع كوريا الشمالية ولا مع إيران وأنه تهديداته لإيران ستكون مثلها مثل تهديداته لكوريا الشمالية "مجرد حكي" باللبناني، أو "طق حنك" بالسوري" أو "كلام فارغ" بالمصري.
Advertisements
الجريدة الرسمية