رئيس التحرير
عصام كامل

فكري أباظة يكتب: وقت الفراغ ومشكلة الصغار

فيتو

في مجلة "المصور" عام 1957 كتب الصحفي الساخر فكرى أباظة مقالا عن مشكلات أبنائنا الصغار وكيف يمكن حلها قال فيه:

هؤلاء الصغار ما خطبهم.. هؤلاء الصغار الذين تعددت حوادثهم وأحداثهم ومآسيهم، ماذا دهانا بهم وماذا دهاهم.. هؤلاء الطلبة السفاكون للدماء، العابثون بالأشلاء، اللاعبون بالنار، المرتكبون لأبشع وأشنع أنواع الجريمة.وهم في هذه السن المبكرة، من هم.. وما هي علتهم؟ وما هو علاجهم؟ 

هذه هي المشكلة الاجتماعية، أو هذه هي كارثة اليوم وفجيعة الساعة، فطاع طرق من آخر طراز، وفتاكون في النهار والليل، بجرأة الجناة المحترفين المزمنين ومغامرة المجانين.

المشكلة الدامية متعددة النواحى، متعددة الألوان، قال قائل إن المسئول هو البيت المصرى.. هؤلاء الصغار ما خطبهم؟ هؤلاء الصغار الذين تعددت حوادثهم.

الحديث الذي ضعفت فيه أو زالت سلطان الأب والأم وولى الأمر، هانت الأبوة وهانت الأمومة وانمحت تقاليد الطاعة ودساتير الاحترام وعناصر الخوف والرهبة، وكانت في أيامنا وأجيالنا تقاليد مقدسة فما كان الصغير منا يجرؤ أن يعصي أمرًا أو يشذ أو يرفع راية التمرد في وجه الكبار.

وقال قائل إن المدرسة لم تصبح مدرسة، المدرسة التي عرفناها في أيامنا وأجيالنا التي كنا نرهب جانبها ونخشى ناظرها ومدرسها وضابطها وفراشها..

وقال الآخرون ذاعت السينما المفسدة وشاعت، وتفشت سمها في نفوس وأذهان هؤلاء الصغار المقلدين، وقد اكتظت أفلامها وقصصها بالمذابح والجرائم وأساليب الفتك والسفك وألاعيب الفارين من وجه العدالة بغير رقابة من السلطات المختصة فأحدثت أثرها المحطم في أخلاق الصغار، وقال فريق إن القصص والروايات الحاشدة بأمثال هذه الجرائم الوحشية قد تآذرت مع السينما هي الأخرى فكان هذا الوباء.

وانتهز المقتنصون للفرص هذه المآسى فحملوا على الصحافة حملاتهم الشعواء؛ لأنها في سبيل الرواج والإثارة لم تقدر النتائج والمسئوليات فانتشر سمها.

وعزا بعض علماء النفس هذه الظاهرة إلى الأزمة وإلى الحاجة وأرجعوا العلة إلى شيوع التعليم الذي لا يناسب كل الأوساط فجمعوا بين الفوارق وترتبت على ذلك في نفوس العاجزين من الفقراء عقدة نفسية ومركب نقص عند المقارنة بين حالتهم وحالة القادرين من زملائهم، إن مرد الأحداث والجرائم الدامية لصغار الشباب هو الحاجة إلى الترويح والتفريح ففي كل بلادنا بنشغل المسئولين بموضوع وقت الفراغ.
الجريدة الرسمية