رئيس التحرير
عصام كامل

أنا مش نبي


قررت الزميلة الإذاعية "رشا يوسف" أن تلفت أنظارنا من خلال برنامجها "أنا مش نبي" إلى أننا لسنا أنبياء معصومين، وما نحن إلا بشر نصيب ونخطئ.. أعجبني الاسم فقررت أن أستعيره كي أوجه من خلاله حديثا إلى نفسي التي أغرقتها معي في بحور المدينة الفاضلة التي أحلم بها منذ عرفت للحياة معني.


منذ ذلك الحين وأنا أتوهم أنه باستطاعتي تغيير العالم من حولي نحو حياة أفضل.. كانت الأرض تتزلزل تحت أقدامي حين أهتف (يسقط الظلم.. يسقط الاستبداد) وكنت انتشي فرحا وفخرا ، حين أرفض عملا يحرضني على النفاق والرياء والتملق للحاكم.. كنت أسخر من أقراني حين أراهم وأسمعهم وهم يمتدحون في العلن أشخاصا يذمونهم في الغرف المغلقة..

كنت أستمع لنصائح أصدقائي حين يهمسون في أذني بأنني لن أستطيع تغيير شيء وأنه على أن التفت إلى مصالحي ومصالح أسرتي، كنت استمع إلى تلك النصائح وأسخر منها ومنهم، لأنهم يعلمون أن الرزق بيد الله، وأن الموت والحياة بيد الله، لكنهم لا يؤمنون وإلا فما كانوا نصحوني بتلك النصائح الفجة التي تجعل من صاحبها أداة من أدوات الشيطان.

والغريب في أمر هؤلاء أنهم يقنعون من حولهم أن الشيطان يحمل في الأصل جينات الملائكة، وأنه حين يرفرف بجناحيه فوق الأرض القاحلة، يتحول يابسها إلى جنة من جنان السماء، وأن الرافض لتلك القناعات مطرود من الجنة بأمر الرحمن.

الآن وبعد تلك الوساوس من بني الإنسان، أحاول أن أمدح صفات الشيطان، فتتجمع كل حروف اللغة لتكسر أناملي، وأحاول أن أري ذلك النور الذي يراه أصدقائي في وجهه الملائكي، فلا أجد سوي عبوس وقفور.

لكني ما زلت أحاول.. فإن رأيتموني يوما أروض اللغة لأطوعها في عبادة الشيطان وأري اليابس أخضر وأسير في ركب العميان فاعلموا أني استمعت لنصيحة أصدقائي.. علشان أنا مش نبي!

ahmed.mkan@yahoo.com


الجريدة الرسمية