رئيس التحرير
عصام كامل

تهديد رئيس الجامعة بالذبح!


مجتمع الجامعة المفترض أنه أعلى مستوى ثقافي وعلمي وأخلاقي في البلد، وأساتذتها هم القدوة والمثل الأعلى، وفي كل دول العالم الجامعات هي قاطرة التنمية والتقدم؛ لأنها المنبع الرئيسي للبحث العلمي وللعلماء والكوادر التي تتحمل المسئولية في إدارة وحكم البلاد، أكيد معظمنا قرأ وسمع عن واقعة لا تحدث حتى في الدراما، ولا يتخيلها كاتب سيناريو، وهي اتهام العميد السابق لكلية الفنون التطبيقية بجامعة بنها بالتخطيط لخطف رئيس جامعته، واقتياده لأحد الأماكن النائية وتصويره عاريًا وإكراهه على التوقيع على إيصالات أمانة وشيكات..


واقعة هي الأغرب في التاريخ، صحيح الجريمة لم تتم، ولذلك كان قرار النيابة العامة أمس بحفظ التحقيقات في القضية، على اعتبار أن الاتهام يُعد من قبيل الأعمال التحضيرية غير المعاقب عليها -(اتهام رئيس الجامعة للعميد كان بناءً على تسجيل صوتي منسوب للأخير)- وسواء وقعت الجريمة أو لم ولن تقع ليست هذه هي المشكلة، ولكن الكارثة هي مستوى التفكير لأعلى فئات المجتمع علمًا وثقافة..

وأيضًا حجم الصراعات داخل الجامعة، وهل هذا المناخ يستطيع أن يُنتج للبلد تعليمًا وبحثًا علميًا؟ أيضًا كيف يستقبل الطلاب مثل هذه الواقعة وغيرها من قضايا تحرش أساتذة بالطالبات أو الرشاوى الجنسية وتزوير النتائج؟

واقعة أخرى سوف تطرح نفسها على الساحة في الأيام القادمة بمجرد انتهاء وسائل الإعلام من أكل البصل والفسيخ، وهي التسجيل الصوتي المنتشر على بعض وسائل التواصل الاجتماعي والمنسوب لأستاذة جامعية (عضو في مجلس النواب) تتوعد أيضا رئيس جامعتها بالذبح وتأجير بلطجية لقتله وحرق الجامعة كلها من أجل عيون نجلها الموظف بالجامعة، إذا تعرض لأي أذى من إدارة الجامعة.

النائبة تقول إن التسجيل مفبرك والهدف منه تشويه سمعتها وسمعة البرلمان، وسوف تتقدم ببلاغ للنائب العام للتحقيق في الواقعة، وهذا حقها الطبيعي، ويجب أن تسلكه لإثبات براءتها، أما رئيس الجامعة من جانبه التزم الصمت ورفض التعليق على الواقعة، وعموما هذا ليس موضوعنا لأن الطب الشرعي وخبراء الأصوات يستطيعون معرفة إذا كان التسجيل صحيحًا أم مفبركًا؟!

ولكن القضية الأخطر هي ماذا جرى للقيم الجامعية؟ ولماذا كلما ارتفعت الوظائف والمناصب والمستوى العلمي والثقافي ارتفعت أيضًا حدة الصراعات والمشكلات؟ ولماذا كل هذه الكراهية بين القيادات؟ وهل مصر زمان كانت هكذا أم أنها أمور حديثة علينا؟ وما خطورة ذلك على مستقبل البلاد؟ وهل هناك فرصة للجامعات المصرية في مكانة أفضل بين جامعات العالم في ظل هذه الكراهية والصراعات خاصة أثناء اختيار القيادات؟

يوميًا أقرأ عن اكتشافات جديدة وأبحاث علمية للجامعات الأجنبية من أجل إسعاد البشرية، وأيضًا النهوض باقتصاد الدول؛ لأن عالمًا أجنبيًا من خلال بحث علمي واحد يستطيع أن يجلب لدولته أموالا تتجاوز الدخل القومي المصري كله.

الكراهية لا تحقق إنجازًا، ومناخ الصراعات لا يُنتج، ويؤدي إلى كُفر الشباب بالقدوة والقيم، واللهم احفظ مصر.
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية