رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

تأملات


عندما تنظر إلى مظاهر عوالم الخلق والكائنات من سماوات وما فيها من كواكب ونجوم ومجرات وأفلاك وأملاك وشمس وقمر وأراضين، وما أظهره سبحانه وأبطنه وأقامه وأجراه فيها من حب وحيوان ومعدن ونبات وجماد وبحار وأنهار ومحيطات، وما أوجده الحق فيها وتتأملها وتمعن النظر فيما أودع فيها الخالق الأعظم جل جلاله من إبداع في الخلق، تدرك جمال عظيم الإبداع الإلهي المطلق ومدى طلاقة القدرة المعجزة، وترى الإعجاز الإلهي في الأشكال والصور والرسوم والهيئات واللغات والألسن والألوان والحركات، وتجدك بقلبك ولسانك وروحك وحسك وجوارحك وملكاتك وخلجاتك وذرات تكوينك، وكلك تقول بلسان القلب والرأس:


"سبحان الله البديع المبدع، سبحان الله القادر القوى المهين، سبحان الحي القيوم قيوم السموات والأراضين، سبحان رب العرش العظيم الذي أبدع وأتقن كل شيء خلقه.

هذا ومع كل ما رأيناه ونراه ونشاهده فما خفاه الله عنا أعظم، ومعلوم أن المخلوقات والكائنات كلها جاءت ووجدت من أثر تجليه عز وجل بنور اسمه تعالى الظاهر فبنور هذا الاسم ظهرت كل العوالم والكائنات، ومعلوم أيضًا أن لله تعالى تجلٍ بنور اسمه تعالى الباطن، وهو التجلي الخفي عنا، وأعتقد أن سر إخفائه عنا لأن العقول والأبصار لا تقوى ولا تتحمل رؤيته ونحن على هيئتنا وصورتنا البشرية التي نحن عليها الآن في عالم الدنيا، ولذا غيبه الحق عنا رحمة به منا..

وأثار هذا التجلي أي تجليه سبحانه بنور اسمه الباطن أحدث وما زال يحدث خلقًا سماها الله بالآيات الكبرى، ولم يحظ أحد من الخلق برؤيتها إلا نبينا الكريم ورسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء والمعراج، ولا شك أن الله تعالى قد أعده مسبقًا لهذا، ولقد أشار الله تعالى بقوله: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ".

هذا ولقد لفت الحق سبحانه عباده إلى الآيات الكونية ودعاهم إلى النظر والإمعان والتفكر والتدبر والتأمل فيها حتى تكون سببًا للإيمان به عز وجل والهداية إلى وحدانيته وتوحيده، من تلك الآيات قوله جل وعلا: "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"..

وغيرها من الآيات القرآنية الكثير والكثير، وكل هذه الإشارات التي أشار الله تعالى إليها وأمرنا أن نمعن النظر فيها الحكمة من ذلك كما ذكرت الهداية إلى رب الآيات ومبدعها وخالقها للإيمان به سبحانه وتوحيده، وهذه المخاطبات للعامة من الناس، أما أهل محبة الله والذين أشرق على قلوبهم سبحانه بأنوار هدايته ومعرفته لهم حال خاص في هذه القضية والمسألة، وفي كل ما يتعلق بالدلالات على وجوده تبارك في علاه لهم حال مختلف عن أحوال سائر البشر دونهم، أشار إليه وعبر عنه ولي الله العارف بالله ابن عطاء الله السكندري في الحكم العطائية بقوله: "إلهي أمرتنا بالرجوع إلى الآثار الدالة عليك لنهتدي بها إليك، سبحانك، متي غبت حتى يستدل عليك، ومتى بعدت حتى تكن الآثار هي التي تقرب إليك".

وفي الختام نشهد أنه لا إله إلا أنت سبحانك ونشهد لك بالوحدانبة ونخضع لربوبيتك ونسجد لعظمتك ونؤمن بأنك واحد أحد فرد صمد لا ند لك ولا ضد لك، ولا شبيه لك ولا شريك لك ولا أين بعينه لك فأنت في كل أين وأنت سبحانك الذي لا يشار إليك بأين وأنت سبحانك فوق كل فوق ومهين ومحيط بتحتية التحت وأنت تبارك في علاك لا فوق ولا تحت..

ورحم الله سيدنا الإمام على باب مدينة النبي إذا قال: "رأيت ربي بعين قلبي، فقلت لا شك أنت إنت، انت الذي حزت كل أين، بحيث لا أين ثم أنت، فليس للأين منك أين فيعلم الأين أين أنت وليس للوهم فيك وهم فيعلم الوهم كيف أنت، أحطت بكل شيء علما وكل شيء أراه أنت، وفي فنائي فنى فنائي، وفي فنائي رأيت أنت، الله، هو الأول والآخر وهو الظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم، سبحانه وتعالى: "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ".
Advertisements
الجريدة الرسمية