رئيس التحرير
عصام كامل

حسن زايد يكتب: ألغاز الانتخابات الرئاسية المصرية

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

بعيدًا عن المزايدات الانتخابية التي قد ينزلق إليها البعض، تعميقًا أو تسطيحًا أو تزلجًا، بقصد تحقيق أهداف محددة، ليس من بينها احترام إرادة الشعب أو الدستور والقانون أو أدوات وضمانات الديمقراطية المعمول بها في أكثر الديمقراطيات عراقة، جرت الانتخابات الرئاسية المصرية.


فقد تصور البعض أو صور له خياله أن المتنافسين على المنصب الرئاسي قد دفعهم النظام إلى الامتناع عن الترشح، مع أن المتنافسين كانوا يعلمون سلفًا - قبل الترشح- عدم صلاحيتهم، ومع ذلك دفعوا إليه دفعًا، واستبعادهم، في أي دولة محترمة، أمر حتمي، حتى ولو أُلصقت بالنظام تهم الاستبعاد.

وتصور البعض أن تقدم أحد رؤساء الأحزاب للترشح، بعد الاستبعاد الحتمي لمرشحين لم يمروا من مصفى الترشح، هو ترشح شكلي، وأنه قد تم استقدامه لإضفاء الشرعية الشكلية على العملية الانتخابية، رغم أن الدستور لم يلزم النظام بذلك.

وقد تصور البعض الثالث أن الضمانة لنزع الشرعية عن النظام القائم هي في امتناع المصريين عن المشاركة في الانتخابات، توهمًا، لأن ذلك قد يمثل إحياء لشرعية قد ماتت واندفنت منذ عدة سنوات بانتخابات أخرى، وقد بنى هذا البعض دعايته المضادة على هذا الأساس، ولذا سعى إلى دفع المصريين دفعًا إلى الامتناع عن النزول للتصويت بكافة الطرق والأدوات والوسائل التي تساهم في خلق العديد من الانطباعات السلبية.

ساهم في ذلك الانطباعات التي تركها ما خلفه المرشحون المستبعدون من تلقاء أنفسهم أو بأحكام القانون، يضاف إلى ذلك ما تركته المواقف المسبقة لبعض المنظمات الحقوقية الداخلية والخارجية التي تعمل وفقًا لأجندات مسبقة داخلية أو خارجية، لحساب دول أو أجهزة مخابراتية.

وكان القصد هو انخفاض نسبة التصويت إلى حد معين، يجري العمل عليها مرات متعددة، بوسائل مختلفة، تفضي في النهاية إلى تحقيق الهدف، تحت زعم الافتقار إلى الشرعية، وتقوم دعاية الآخر بناءً على ذلك، وفي اللحظة المناسبة يتم القفز فوق الأحداث وإدارتها وتوجيهها.

ومن هنا جاءت دعاية النظام، ودعوته لأنظمة الرقابة الدولية، والعمل بشفافية وفقًا للمعايير الدولية، وإدارة النظام عبر هيئة قانونية، حتى يسقط ورقة التوت عن كل من يتسربل بها في مواجهة الإرادة الصحيحة للشعب المصري، حتى ولو كان النظام نفسه.

ولولا أن الشعب كان في مواجهة نفسه، وفي مواجهة أبنائه، وفي مواجهة المجتمع الدولي المحيط بنا، وفي إطار إبراز إرادته الحرة المستقلة، لفعل الشعب ما فعله الشعب الروسي، وهو يستبدل الرئيس بوتن برئيس وزرائه، في إطار اللعبة الدستورية المطلوبة دوليًا، حني لا تقوم حجة في مواجهة النظام الروسي، ولفعل ما فعله الشعب الصيني حين ارتأى تعديل الدستور لإبقاء الرئيس مدى الحياة.

ولأننا كمصريين نعمل دستوريًا وفقًا لقاعدة الإدراج آليًا فور بلوغ الشاب أو الفتاة سن 18 سنة، وذلك يجري وفقًا لقاعدة بيانات الرقم القومي، وجرت الدعوة للانتخابات الرئاسية، وقد دعا من دعا، وحشد من حشد لهذه الانتخابات، المهم أنه لا أحد يملك التأكيد أو الدعم أو الحشد لمرشح دون آخر، أو إجبار أحد على اختيار مرشح دون آخر.

وقد جرت الانتخابات الرئاسية، ولم يكن الرهان على فوز الرئيس السيسي، فذلك أمر مفروغ منه، رغم قسوة خطة الإصلاح الاقتصادي المتبعة فور توليه فترة الرئاسة الأولى، وإنما كان الرهان مربوطًا، كما أسلفت، بنسبة المشاركة الشعبية، فقد جري بناء الرهان على أساس أن الشعب قد كفر بكل خياراته فيما عدا خيار إسقاط النظام.

وحضرت منظمات رقابة عربية، وأفريقية، ودولية، وكذا صحف ووكالات أنباء، وقنوات دولية، وقام التليفزيون المصري، الخاص والحكومي، بنقل الأحداث على نحو مباشر على مدار الساعة، وقيام اللجان الفرعية بإعلان النتيجة، حتى تم إعلان النتيجة العامة.

وكانت المفاجأة في النتيجة التي انتهت إليها الانتخابات كنسبة مشاركة، وليس هناك وصف لنتائج نسبة المشاركة سوى أنها صفعة على أقفية من دخل سباق الرهان، أو بصقة على وجوههم، ومع ذلك تجد من بينهم من يزعم أن هناك تلاعبا في النتائج، وكأن هناك من يسعى دائمًا إلى تلغيز الانتخابات المصرية، حيث يوجد دائمًا من يشعر أنه الأفضل.

ويبقي السؤال: هل هناك من يسعى إلى وضع ألغاز للانتخابات المصرية؟

الجريدة الرسمية