رئيس التحرير
عصام كامل

أسباب تعامد الشمس على معبد هيبس بالخارجة وعدم اهتمام الآثار بالظاهرة

 معبد هيبس
معبد هيبس

يوافق يوم السادس من أبريل كل عام حدث لا يلتفت إليه الكثيرون وهو تعامد الشمس على معبد هيبس بالواحة الخارجة، حيث يركز الكثيرون على فكرة التعامد على معبد أبو سمبل.


ولا يعرف الكثيرون أن تعامد هيبس يتم مرتين السادس من أبريل والسابع من سبتمبر من كل عام، حيث تدخل الشمس بأشعتها وضوئها متعامدة تمام في الساعة ٥،٤٩ على قدس الأقداس مباشرة في شكل مركز لمدة سبع دقائق أثناء الشروق وبعد مرحلة الشفق مباشرة داخل قدس الأقداس وتظل الأشعة مصطفة تماما في صف طولي متجهة مباشرة وعموديا على الحائط الغربي لقدس الأقداس لتُنيره وتعمل ما يشبه دائرة في النصف العلوي للجدار في منتصفه تقريبا دائرة مثل قرص الشمس تماما.

وعن سبب اختيار اليومين كشف مجدي شاكر كبير أثريين بوزارة الآثار، أنه في الغالب هي أعياد واحتفالات دينية أو أعياد مرتبطة بالزراعة أو الحصاد حيث إن واحة الخارجة قديما كانت مزدهرة بها الزراعة وكان الاحتفال بحصاد الزروع الصيفية في شهر سبتمبر والاحتفال بحصاد زروع الشتاء في شهر أبريل وهو ما يوافق حصاد المحاصيل حتى الآن وبهذا المناسبة نلقي الضوء على تاريخ وعمارة هذا المعبد:

تاريخ المعبد
معبد هيبس أحد أهم معالم مدينة الخارجة يحمل المعبد اسم الواحة الخارجة (هبت _هيبس) التي تعني المحراث وقد شيد على مساحة قدرها 798 مترا مربعا، طوله 42 مترا وعرضه 19 مترا في عصر الملك الفارسي دارا الأول (510-490 ق.م) على بقايا معبد قديم يرجع إلى عصر الأسرة السادسة والعشرين (664 ق.م) وربما كان له أصول قديمة ترجع إلى عصر الدولة الوسطي في (2100 ق.م)، وفي العصور اللاحقة للعصر الفارسي أضيفت للمعبد إضافات عديدة حتى اكتملت عناصره وكان ذلك في الفترة ما بين عام 390 قبل الميلاد إلى عام 69 ميلادية.

بدأ اهتمام الرحالة والدارسين بالمعبد في النصف الأول من القرن التاسع عشر شأنه في ذلك شأن بقية الآثار المصرية وفي الأربعينيات من القرن العشرين قامت مصلحة الآثار المصرية بترميم المعبد وتقوية العناصر القابلة للانهيار منه وإعادة بناء وتركيب بعض الأحجار التي وجدت متساقطة من المعبد على الأرض.

وصف المعبد
شيد المعبد من الحجر الرملي فوق بقعة مرتفعة نسبيا عما يحيط بها من أرض منبسطة وقد كان الغرض من ذلك أن يرتفع المعبد فوق كل ما عداه من مبان ومساكن المدينة القديمة التي كانت تحيط به من كل جانب وبذلك يتيسر للناظر إليه إدراك أهميته كمكان مقدس ومركز لعبادة الإله، يبدأ المعبد من الشرق بمرفأ كان مقاما على حافة البحيرة المقدسة التي كانت تتقدم المعبد لاستقبال القرابين والمراكب المقدسة ثم البوابة الرومانية التي تحمل نقشا يونانيًا من عهد الإمبراطور (جلبا) عام 69 م عبارة عن إصلاحات إدارية وللمرأة ثم البوابة البلطمية تليها البوابة الفارسية للملك دارا لأول التي تؤدي إلى طريق الكباش المؤدي إلى البوابة الكبرى ثم البوابة الرئيسية، ويقع في نهاية المعبد.

ويماثل المعبد في تخطيطه تخطيط المعبد المصري في الدولة الحديثة (الصرح _الفناء المكشوف _صالة الأعمدة ثم قدس الأقدس) وهو التخطيط الذي استمرت عليه المعابد المصرية التي في العصرين البطلمي والروماني.

وحول المعبد توجد بقايا من الحجر الرملي الذي كان يحيط بالمعبد من ثلاثة جوانب هي الشمالية والجنوبية والغربية تهدم ولم يتبق منه إلا أجزاء قليلة الارتفاع وحيث كان يشكل مع حوائط المعبد ممرا يدور حول جسم المعبد وتدعم أرضيته الحجرية المرتفعة نسبيا أساسات من الخارج وفي الركن الجنوبي الغربي للمعبد من الخارج يوجد مبنى بيت الولادة (الماميزي) وهو مبنى صغير منفصل عن المعبد الجنوبي الغربي.

معبد هيبس كان مكرسا أساسا للثالوث الطيبى المقدس (آمون رع – موت – خنسو) وكذلك الثالوث أوزريس وإيزيس وحورس وكان الملك دارا الفارسي (داريوس الأول) يريد التقرب للكهنة أصحاب النفوذ الأول ولأهالي الواحة ومعبوداتهم جميعا فتم جمع المعبودات في كل بر مصر في هذا المعبد فنقش به أكثر من ٦٧٠ معبودا صورت في صفوف ومرتبة جغرافيا من الشمال إلى الجنوب وربما دخول الشمس كان بمثابة منح هذه المعبودات طاقة الحياة وبالتالي تعطي للملك دارا.

لكن في السنوات الأخيرة ظهرت نظرية جديدة وهي وجود مقصورة واحدة فقط بالمنتصف في مقصورة قدس الأقداس، واحدة فقط وليس ثلاثة مقاصير كالمعتاد مع معابد الثالوث، مثل معبد الغويطة بالقرب من قرية بولاق كذلك الحال في معبد دير الحجر.

إذن لماذا مقصورة واحدة فقط بمعبد هيبس؟ على الرغم من أنه من الممكن عمل ثلاثة مقاصير مثل معبد الغويطة ودير الحجر؟ والمساحة تكفي لعمل هذا؟ إذن المعبد مخصص لمعبود واحد منفردا بمقصورة واحدة خاصة به هو فقط، فضلا عن عدم وجود تماثيل تمثل الثالوث أو أي تجسيد لهم مجتمعين، حيث اتضح مؤخرا عند ترجمة إحدى النصوص بالمعبد في بلات رقم 29 على كتفي حائط الباب المؤدي من الصالة M إلى الصالة B وكذلك النصوص على جانبي المدخل المعبد مخصص للمعبود امون رع منفردا، حيث يذكر النص أن الملك قام بتشييد هذا المعبد للمعبود آمون رع، مذكور بشكل واضح وصريح، وتستكمل النصوص على تأكيد أن هذا المعبد مخصص لآمون رع فقط منفردا.

وهذا الطرح يؤكد على أن المعبد غير مخصص للثالوث إنما تم تشييده في البداية (لآمون رع) منفردا.
الجريدة الرسمية