رئيس التحرير
عصام كامل

بائعو السعف في شبرا: المجد في الأعالي وللمحتفلين المسرة (صور)

فيتو

في أحد السعف، ارتدى شارع "مسرة" بشبرا مصر، حلة تاريخية أعادته ألفي عام للوراء، حيث وقف أتباع المسيح على أبواب مدينة السلام "القدس"، انتظارًا لوصول السيد المسيح، وأيديهم تلوح بأعواد السعف، يرددون هتاف "وصلنا..وصلنا، خلصنا.. خلصنا، المجد لله في الأعالي وبالناس المسرة".


المشهد بتفاصيله يتبادر إلى ذهنك بمجرد الولوج نحو منتصف الشارع، أتباع المسيح هم هم في انتظار الخلاص والسلام والرحمة، يقولون: "احنا بنيجي هنا كل عيد بالسعف في انتظار المصلين، بنستحضر روح سيدنا المسيح وهو داخل القدس في بداية أسبوع الآلام".

منذ أكثر من خمس سنوات، وهذا المربع الصغير الذي يتوسط الجهة الشمالية لشارع مسرة، هو الحاضن لمينا "بائع سعف من إمبابة" وصديقه، يقول: "الأول كنا بنبيع القلب المصنوع بالسعف الأخضر فقط، لكن دلوقتي بنبيع الصلبان والخواتم والقلب والسنبلة وكل ده بالسعف، أسعارهم مناسبة من خمسة جنيه حتى 15 جنيه، لكن أكثر ما يجذب الأطفال تحديدًا، تاج السعف، بيشتروه ويدخلوا به القداس".

وفي تمام السابعة من صباح أحد السعف كل عام، والذي يسبق أسبوع الآلام، ذاك الأسبوع الذي اختتم به السيد المسيح حياته، واستعد للرحيل، يتحول الشارع إلى مصدر قوي للبهجة، تدب روح جديدة به، مبعثها الصغار الذين يلتفون حول سامح (صديق مينا) لوضع التيجان على رؤوسهم.

يقول مينا: "احنا بنيجي من سبعة الصبح بنشتغل لحد الساعة 11، وبعدها يومنا بيخلص وبنرجع لحياتنا الطبيعية، أنا بشتغل موظف في شركة سياحة بالجيزة، وسامح صاحب محل مكواة بإمبابة".

وبجوار مينا، يجلس وجيه عطا الله وشقيقه عادل، أبناء مركز شبين القناطر بالقليوبية، يعقدان السنبلة الخضراء في حرفية وإتقان، يرفعان رأسيهما من حين لآخر بحثًا عن زبون أنهى صلاته، وتهيأ للاحتفال.

يقول وجيه: "أنا من وأنا عمري 21 سنة باجي مع أخويا الشارع هنا كل أحد سعف، عمرنا قرب على الستين، ولسه محافظين على العادة دي، رؤيتنا لفرحة الأطفال في الشارع باليوم ده تسوى كل الدنيا".

يعمل الشقيقان في مهنة جمع القمامة، بمناطق شبرا الخيمة وشبرا مصر، لكنهما قبل أحد السعف بساعات قليلة، ينفصلان عن هذا العالم، يفرغان نفسيهما طوال الليل، لعقد أعواد السنبلة، بمساعدة أبنائهم الصغار.

يضيف: "السعف بنجيبه أخضر من أراضي حوالينا وبنعقده في شكل سنابل، بنبيعها بخمسة جنيه، لكن العيد ده الفرحة ناقصة، من اللي حصل العيد اللي فات، ربنا يجعل أيامنا كلها عيد"، يخرج الشقيق عادل عن صمته معربًا عن أمله في تتبدل الأحوال وتؤول لما كانت عليه حينما جاءوا إلى شارع مسرة لأول مرة.

ووسط هذه الأجواء، يقف أشرف حسن، بائع الورد بالشارع ذاته، يرتب باقات الورد بعناية، يقول: "أنا بشتغل في الورد من وأنا سني 12 سنة، وأنا حاليًا بأواخر الأربعين.. عمر تاني قضيته في المهنة دي رغم طبيعة عملي بالنيابة العامة".

اعتاد أشرف ابن مدينة القناطر الخيرية، أن يحضر إلى شارع مسرة كل أحد سعف، يستأذن رئيسة في إجازة عن العمل "يوم حد الزعف ده لازم أكون هنا بين إخواننا الأقباط بحتفل معاهم، وبشوف بسمة طفلة وأنا بهديها وردة.. الورد والسعف في هذا اليوم لا ينفصلان.. سيدنا المسيح لما دخل القدس حملوا له السعف وفرشوا له الورود على الأرض".
الجريدة الرسمية