رئيس التحرير
عصام كامل

هؤلاء هم شعب مصر


قد يتساءل البعض –بحسن نية– عن سبب مسارعة كبار السن والسيدات في المشاركة بالعملية الانتخابية، وتكوينهم الكتلة الكبرى والرئيسية في تلك الانتخابات من حيث عدد الأصوات والإيجابية، وقد اتخذت الجماعة الإرهابية وكارهي الوطن من هذه المشاركة دليلا على عزوف الشباب عن العملية الانتخابية؛ مما يدل –في زعمهم– على رفض هؤلاء الشباب للعملية الانتخابية، وبالتالي للنظام السياسي.


والرد على هذه المزاعم وتلك الحجج الخبيثة أمر ليس فقط ميسورًا، وإنما هو واقعي بالفعل، فعندما ننظر إلى أي دولة من دول العالم المتمدن نجد أن عنصر الخبرة في هذه الدولة يتمثل بلا جدال في كبار السن الذين أفنوا حياتهم من أجل دولهم، ولهم خبرتهم الكبيرة المكونة من معاصرتهم للحوادث المختلفة، وتجاربهم المتنوعة، ومن أجل هذه الثروة المكوَّنة في تلك الخبرة يتم الاستعانة بهم وبخبراتهم في تكوين مجالس نيابية على أعلى درجة من المصداقية والمسئولية، مثل مجلس الشيوخ ومجلس الحكماء ومجلس الشورى إلخ.

وهذه المجالس له صفة الإلزام في اتخاذ القرارات، وتقرير المصير للدول؛ مما يدل على أن هذه الطبقة من كبار السن رجالا ونساء هي الطبقة الأكثر إدراكا ووعيا، وفهما لمصالح الدولة العليا، كما أنها الطبقة الأكثر حرصًا على الدولة ورقيها، والأكثر في الخوف على مصير الدولة من أي سوء، وهذا هو الأمر ذاته في مصر، فطبقة كبار السن فيها هم الذين أفنوا شبابهم من أجل مصر، وقدموا كل جهدهم من خلال أعمالهم لرفعتها، وهم من يقدمون أبناءهم وأحفادهم للقيام بالدور الذي كانوا يقومون هم به من الدفاع عن مصر وحمايتها، والعمل من أجل رقيها؛ لذا فهم الطبقة الأكثر تقديرًا لما ينفع الدولة..

نظرًا لما سبق، ونظرًا لامتلاكهم الوقت الكافي الذي يمكنهم من الاطلاع على كل الأخبار، ومشاهدة الإنجازات مشاهدة مباشرة، ومتابعة التحليلات السياسية والاقتصادية إلخ، فيكوِّنون رأيهم من خلال كل ذلك؛ لأن هذا الرأي لا يعبر فقط عن أصواتهم الانتخابية، لكن يعبر أيضًا عن الخوف على مصر من أن يصيبها مكروه، فيصيبهم هم في أبنائهم وأحفادهم، وفي أعمارهم التي قضوها في خدمة ذلك الوطن.

ولما كان كبار السن –رجالا ونساء- بهذه الدرجة من الوعي والفهم والتقدير لأحوال مصر، والخوف عليها، كانوا هم أول الفئات وأكثرها اندفاعًا تجاه الانتخابات، واختيار من يرونه صالحًا لأداء مصالح مصر، فهم قد درسوا الأحوال جيدًا، ولم يتأثروا بدعاوى المغرضين وكارهي مصر التي طالبت بمقاطعة الانتخابات، وقد فهم كبار السن أنه على الرغم من الحجج التي كانت تبثها الجماعة الإرهابية وأذنابهم، ونشطاء السبوبة! من أن الانتخابات محسومة للزعيم السيسي فلماذا النزول؟

فكان فهم هؤلاء ووعيهم أن النزول له فوائد جمة: أولها تقديم واجب الشكر للزعيم السيسي على حمايته مصر بداية، وحفظها من الجماعة الإرهابية التي هي أداة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والإنجليزية لتدمير مصر لصالح إسرائيل، فحمل الزعيم السيسي روحه على كفه وحمى مصر من هؤلاء الظالمين، وبالتالي حماها من أن يتحول شعبها إلى لاجئين مثل الشعوب العربية التي نراها، خاصة الشعب السوري الشقيق، فكان من واجب الناخب المصري أن ينزل ليقدم رسالة شكر للسيسي على ذلك، كما كان من واجب كبار السن وفهمهم ووعيهم النزول لشكر السيسي على حجم الإنجازات التي صنعها في مصر في مدته الأولى، وهي معجزات على كل الأصعدة، ولا مجال هنا لتعديدها، وقد سبق أن قدمناها بالأرقام وتبين أنها لم تحدث من قبل.

كما رأى كبار السن النزول من أجل إرسال رسالة للجماعة الإرهابية، ومَن وراءهم الذين بثوا دعايات أن الشعب المصري انعزل عن السيسي بسبب غلاء الأسعار، فأراد الشعب أن يقول لهم بل نحن مع السيسي دائمًا، ونقدر ما يفعله ونقف خلفه وخلف الجيش والشرطة اللذين يحاربان إرهاب جماعة الإخوان الإرهابية في كل ربوع مصر، والذين يتخذون أسماءً عديدة مثل "داعش وبيت المقدس وحسم" إلخ، وما هم في الحقيقة سوى جماعة الإخوان الإرهابية فقط.. كما كان سبب نزول طبقة كبار السن التأكيد للسيسي أنهم على العهد باقون معه، وأنهم يفوضونه لفترة ثانية لقيادة ذلك الوطن، وحمل أمانة الدفاع عنه، وأن يفعل كل ما يشاء من أجل الدفاع عنه وبنائه ونهضته.

ثم كانت نفس أسباب نزول كبار السن هي أسباب نزول السيدات المصريات بكثافة، تلك السيدة التي تشارك في كل عرس وطني بداية من ثورة 30 يونيو 2013، التي اقتلعت جذور إرهاب الإخوان الإرهابيين من الحكم، إلى كل استحقاق وطني بعد ذلك، فهذه السيدة المصرية تحمل هم الوطن بصورة ضخمة، فهي أم الشهيد، وزوجة العامل، ووالدة الموظفة، وهي التي تدرك أن مصر في خطر وتحتاجها بجوارها فتلبي النداء؛ لأن استقرار وأمن مصر لا يعني عندها سوى استقرار وأمن أبنائها هي..

فمصر هي الأبناء والأمل المنتظر، فكانت هذه السيدة في أول الصفوف لتحافظ على بلادها بسبب وعي هذه السيدة، وتلك الأم التي بفطرتها فقط -تلك الفطرة النقية- تعلم ما يضر مصر مما ينفعها، وتختار بقلبها وعقلها، ودائمًا يكون اختيارها صائبًا، فأرادت أن تثبت للزعيم السيسي أنها بالفعل كما يظنها ويقدرها ويعطيها حقها، ويعتمد عليها في بناء الوطن، فخرجت بالكثافة المرئية والمطلوبة.

بينما نجد فئة الشباب في كل استحقاق نيابي منذ بداية الحركة النيابية في مصر عام 1922، وبعضهم يعزف عن المشاركة لأسباب مختلفة، منها حداثة السن وعدم الخبرة، وعدم تقديرهم أهمية الوطن في حياتهم، فتجدهم يستهينون بالوطنية والوطن نتيجة المراهقة الفكرية والسياسية، كما تجد بعضهم يعتمد في إنفاقه على والديه، فلا يقدر حمل المسئولية، ويكتفي بالاستهزاء من الوالدين المشاركين في العملية الانتخابية، ويظن أنه بذلك لا يعيش في جلباب والديه الوطني، وتجد بعضهم مغيبًا من الأساس سواء بالمخدرات أو من الناحية الفكرية والسياسية، حيث يكتفي بأن يعطي أذنه للجماعة الإرهابية أو نشطاء السبوبة أو كارهي الوطن، ونسبتهم ضئيلة، فيميل إلى تلك النسبة من أجل المخالفة والتمرد لا أكثر.

وتجد بعضهم يبحث عن مصالح مالية أو سياسية مثل الكثير من جماعة الألتراس الممولة من الإخوان الإرهابيين الذين يعزفون عن المشاركة بحجة التضييق عليهم من الدولة، والمفروض، في زعمهم، أن تتركهم الدولة يخربون ويوجدون الفوضى دون أي محاسبة؛ مما يصب في النهاية في صالح الجماعة الإرهابية، وتجد بعض الشباب يتكاسل عن النزول؛ بحجة ضياع الوقت إلخ، لكن مع تلك النماذج السلبية تجد الشباب المصري الأصيل الذي يحمل عبء الدفاع عن مصر سواء من شباب الجيش أو الشرطة الذين يستشهدون من أجل هذا الوطن، ولا يرجون شيئًا سوى رفعته..

كما تجد الشباب المصري الذي يبني الوطن من خلال المشروعات الكبرى، ويقف في الشمس الحارقة من أجل هذا البناء، فهؤلاء وغيرهم يشاركون في العملية الانتخابية بكل حماس، وقد ظهر دورهم في هذه الانتخابات خاصة في المناطق الصناعية الذين احتشد فيها الشباب العامل حول اللجان ليدلي بصوته، فهؤلاء بالفعل هم ذخيرة مصر وشبابها الطاهر العفيف، الذي ندعو الله أن يثبته ويقويه على طاعته وحمل أمانة وطنه.

تحية معطرة بأجمال ألوان الفخر والإعجاب أقدمها لخبرة مصر وريحانها وعقولها الناضجة ممثلة في كبار السن رجالا ونساءً، كما أقدم التحية نفسها لحرائر مصر بحق من سيدات هذا الوطن اللاتي يستحققن تمثالا رامزًا لكفاحهن وإرادتهن وذكائهن، وحملهن هموم الوطن في أحلك الأوقات، ولولاهن لكنا الآن في أسر الجماعة الإرهابية تحول الرجال إلى عبيد للمرشد والسيدات إلى سبايا تباع في أسواقهم النجسة.

وأسأل الله أن يهدي شبابنا ممن لم يعرفوا إلى الآن أهمية حمل أمانة مصر.. والدعاء الحار بأن يحفظ شباب مصر الذين يحملون أمانة الدفاع عنها، والاستشهاد من أجلها من رجال الجيش والشرطة، ويبنون بسواعدهم مصر الجديدة في عهد الزعيم السيسي حفظه الله على طاعته دائمًا، وحماه من كل مكروه وسوء.
الجريدة الرسمية