رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عندما غاب العقل والوعي (٧)


نتذكر جيدًا أن اعتصام "رابعة" المسلح استمر ٤٨ يومًا، وكان أمام قيادات الإخوان وأنصارهم فرص عدة، لو تم اغتنامها لوقى الله تعالى البلاد والعباد أضرارًا وشرورًا كثيرة.. كان على رأس هذه الفرص:


أ) الخروج الآمن لجميع المعتصمين، رجالا ونساءً وأطفالا، ووصولهم إلى بلادهم وأماكن سكنهم سالمين..

ب) نجاة المئات من الضحايا والجرحى والمصابين، سواء من قوات الأمن أو من المعتصمين.

ج) فتح صفحة جديدة لمراجعة المواقف واستدراك ما فات

د) إثبات أنهم أهل منهج سلمي، حقيقة لا ادعاء، وإستراتيجية لا تكتيك

ه) اتخاذ خطوات جادة نحو بناء مصر على أسس وقواعد صحيحة وسليمة، تتلافى كل الأخطاء والسلبيات التي وقعت من كل الأطراف، وأخيرًا. 

و) زرع بذور الثقة بين الإخوان وأنصارهم من ناحية، ومؤسسات الدولة والجماعة الوطنية من ناحية أخرى..

لكن للأسف، لم تكن هذه القيادات حريصة على أي من ذلك، إذ لم يكن لديها وعي لبشاعة وفداحة ما يمكن أن يحدث.. لم تنظر لأبعد من مواطئ أقدامها.. زجت بعشرات الألوف من الشباب في صدام دموي مع قوات الأمن من أجل استعادة سلطة فشلت في إدارتها فشلا ذريعًا.. حقًا "يؤتي الحكمة من يشاء، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا" (البقرة: ٢٦٩)..

هل تصور الإخوان وأنصارهم أن السلطة لن تتركهم يعودون إلى بلادهم، وأنها سوف تقوم باعتقالهم، أو اعتقال عدد منهم، ومن ثم آثروا ألا يستجيبوا لندائها، وأن يمضوا في اعتصامهم حتى النهاية؟ هل كان لديهم وعود أو تعهدات من دول أو قوى بعينها بالتدخل في الوقت المناسب، لعزل قيادات الانقلاب المزعوم وإعادة الرئيس المعزول إلى السلطة مرة أخرى؟ لقد رأينا وسمعنا هتافات التهليل والتكبير تشق عنان السماء عندما شاع بين المعتصمين أن ثمة بوارج حربية أمريكية أصبحت على مقربة من شواطئ الإسكندرية..

فهل كان هذا الأمر حقيقة؟ وعلى ماذا كان يدل؟ الأقرب إلى الواقع أنه كان "فرية" أراد أصحابها والذين روجوا لها أن يعطوا انطباعًا للمعتصمين "المغيبين" بأن ثمة قوة كبيرة وراءهم، ومن ثم عليهم أن يظلوا على حالهم في الاعتصام، لا يغادرونه إلى أن يتحقق لهم ما يريدون..

لقد قام خطباء المنصة بإلقاء كلمات نارية من شأنها أن تؤجج المشاعر وتستثير العواطف وتشحذ الهمم بأن مرسي عائد لا محالة، بل تم تحديد موعد لهذه العودة.. لأجل ذلك، تشكلت حملات مسلحة، بعضها توجه إلى دار الحرس الجمهوري، وبعضها الآخر إلى المنصة، والبعض الثالث إلى مسجد الفتح بميدان رمسيس..

المهم أنه أثناء فض الاعتصام وبعده- وربما قبله- هربت القيادات العنترية، صاحبة البطولات الزائفة.. اختفت عن الأنظار.. كأنها لم تكن موجودة، ولا علاقة لها بالاعتصام من قريب أو من بعيد.. هرب البعض إلى قطر، والآخر إلى السودان ومنها إلى دول أوروبا، حيث تلقفتها الأيدي الداعمة والراعية، التي تخطط لكسر إرادة مصر.. لكن هيهات..
Advertisements
الجريدة الرسمية