رئيس التحرير
عصام كامل

«يا فضيحتو»!!


يبدو أن عام 2018 سيكون عام النساء بامتياز، وإذا تحقق ذلك فيعود الفضل إلى الأسابيع الأخيرة من العام 2017، التي مهدت لتحقيق إنجازات غير مسبوقة، وكشفت المستور عن فضائح ترتكب من عشرات السنين، ومكنت نساء العالم من رفع الصوت رفضًا للتمييز بين الجنسين، وقبل هذا وذلك فضح المتحرشين والمعتدين بعد صمت سنوات طوال.


مكاسب كبرى حققتها نسوة الفن في موسم المكافآت السينمائية بحفلاته الكبرى وآخرها "أوسكار"، على مرأى العالم أجمع، بالتضامن تنديدًا بما يجري من فضائح في صناعة الترفيه، بدعم واضح من حركتي "تايمز آب" و"مي تو"، ما دفع هيئة "ريكوردينج أكاديمي" المشرفة على جوائز "غرامي" الموسيقية، إلى اختيار "تينا تشن" مسئولة حركة "تايمز آب" لمكافحة التحرش، لتولي مهمة تعزيز وتمكين النساء في صناعة الموسيقى الأمريكية، بعد انتقادات بشأن ضآلة جوائز النساء بحفل "غرامي" في يناير الماضي..

فمن بين 20 جائزة في الفئات الرئيسية، ذهبت واحدة فقط لامرأة أو فرقة نسائية، وأعقب الحفل تنديد نسائي كبير بتعليقات رئيس الأكاديمية "نيل بورتناو" عن "ضرورة بذل النساء المزيد من الجهد إن أردن الحصول على مزيد من التكريمات".. وفور تعيينها اعتبرت "تينا" التي تدير الفريق القانوني في "تايمز آب" أن "قطاع الموسيقى يواجه تحديات عدة أبرزها مكافحة التمييز المتجذر".

من الموسيقى إلى السياسة، استغل الإعلام هجمة النساء على المتحرشين، وأراد تصفية حساباته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتعريته وفضحه أمام العالم أجمع، فأغرى ممثلة إباحية وعارضة مجلة "بلاي بوي" لكشف تفاصيل علاقتهما الجنسية مع الرئيس ترامب عندما كان رجل أعمال.. وكيف اشترى سكوتهما عند ترشحه للرئاسة؟

الغريب في أمر المقابلات أنها أثبتت "شهية المشاهدين المفتوحة" على الفضائح، فقد أعلنت شبكة "سي.بي.اس" إن مقابلة ممثلة الأفلام الإباحية "ستورمي دانييلز" اجتذبت أكبر جمهور منذ سنوات للبرنامج الشهير "60 دقيقة"، وتضاعف عدد من شاهدوا الحلقة مسجلا زيادة بلغت 111% عن حلقة الأسبوع الماضي، وهو أكبر جمهور للبرنامج منذ عام 2008.

ونظرًا لأهمية ما ذكرته الممثلة الإباحية عن ترامب، اضطر "البيت الأبيض" لإصدار بيان "طعن خلاله في حديث "ستورمي" عن أنها تعرضت للتهديد بالعنف لالتزام الصمت بشأن مزاعم عن علاقة جنسية مع الرئيس دونالد ترامب في العام 2006، مشيرًا إلى أن "ترامب" أنكر تمامًا وجود علاقة جنسية مع دانييلز".. لكن الممثلة الإباحية أكدت أنها ماضية في دعوى قضائية ضد "ترامب" رفعتها خلال مارس الجاري، لأن "ترامب" لم يوقع معها اتفاقًا يلزمها بالصمت حيال علاقة حميمة بينهما.

الإفادة الأخطر أدلت بها "كارين ماكدوجال" العارضة السابقة في مجلة "بلاي بوي"، في مقابلة متلفزة مدتها ساعةً مع شبكة CNN الأمريكية، تناولت علاقتها بالرئيس ترامب لمدة عام تقريبًا، والتي بدأت بعد 3 أشهر فقط من ولادة "بارون"، ابن "ترامب" و"ميلانيا".

ولم تأبه "كارين" بالمخاطر القانونية المُتعلقة باتفاقٍ قيمته 150 ألف دولار، وقعته قبيل انتخابات الرئاسة، جرى بموجبه شراء صمتها.. خطورة مقابلة "كارين" أنها شرحت تفاصيل علاقتها الجنسية مع "ترامب"، وكيف اصطحبها إلى منزل الزوجية مع "ميلانيا" في برج ترامب بمانهاتن، حتى أنها وصفت غرفة ميلانيا الخاصة للتأكيد أنها زارت بيت "ترامب" و"ميلانيا" وتعرف تفاصيله.

وذكرت "كارين" إنَّ "ترامب" أخذها للعديد من الأماكن، منها بطولة الغولف في بحيرة تاهو، ونادي الغولف الخاص به في ولاية نيو جيرسي، كما التقيا بغرَفة على شكل العش في فندق "بيفرلي هيلز". ومع السبق الذي حققته القناتين لفضح "ترامب"، تتسابق بقية القنوات الأمريكية لمقابلة "سمر زرفوس"، المُتسابقة في برنامج الواقع The Apprentice الذي أشرف عليه "ترامب"، وهي أيضا تقاضي الرئيس الأمريكي حاليا بتهمة التحرش الجنسي.

استلهمت نساء العرب الحملة العالمية، وبدأت بعض المنظمات النسائية والحقوقية مواجهة التحرش المتزايد بإطلاق تطبيقات تمكن الضحية من الإبلاغ الفوري عما تتعرض له وإمكانية التحرك السريع لإنقاذها وضبط المتحرش.

في مصر على سبيل المثال أطلقت تطبيقات، لمواجهة العنف والتحرش لكنها تحتاج إلى مساندة إعلامية كبيرة، لقدرتها على فضح المتحرش وضبطه صوتا وصورة، مثل تطبيق "يا فضيحتو" وهناك تطبيق "جرس" لإرسال بلاغات عن الحوادث مع إرفاق صورة للمتحرش بمجرد ضغطة وتحديد المنطقة الجغرافية التي التقطت فيها الصورة.. وفي المغرب أطلق تطبيق "ما نشوفوش" أي "لا نرى" يمكنه تحديد مكان الضحية ويحول فريق المتطوعين الأمر للجهات الرسمية لاتخاذ اللازم.

هذه التطبيقات ينبغي تبنيها حكوميًا وإعلاميًا، حتى تنتشر وتستخدمها جميع النساء، فتصبح وسيلة لردع المتحرشين ودليل إدانة عند محاكمتهم.
الجريدة الرسمية