رئيس التحرير
عصام كامل

الانتخابات من أجل«مصر» الوطن!


أحيانا نكرر بعض المواقف ليس إعجابا بها فقط، ولكن للقيمة التي تحملها إلى المجتمع، ويمكن التأكيد عليها كلما جاء الموقف الذي يتطلب ذلك، من الأفلام التي لا تغادر ذاكرتى، بالرغم من مرور أكثر من ثلاثين عاما من مشاهدته، في برنامج "نادي السينما" الذي كانت تقدمه السيدة درية شرف الدين على شاشة التليفزيون المصرى، وبالرغم من عدم تذكر اسمه، إلا أن أحداثه حاضرة دائما في ذاكرتى، الفيلم باختصار يحكى قصة اثنين من الجنود الآسرى في الحرب العالمية الثانية، هربا من من الأسر، واتفقا مع أحد الصيادين أن يعبر بهما إلى بلدهما وهى في الشاطئ القريب، لا تحاول صديقى القارئ أن تعرف من أين والى أي بلد ينتمون، ولا الجيش الذي أسرهم فهذا ليس مهما!


بالفعل أخذهم الصياد في قاربه لإعادتهم لبلدهما دون مقابل، واشترط عليهما أن هناك دوريات في البحر تقوم بتفتيش المراكب، لحظتها عليهم الاختباء أسفل المركب، وهنا ظهرت مشكلة كبيرة، أن أحدهما كان مريضا بالسعال ولا يتوقف عن "الكحة" بصوت عال، ولهذا طلب الصياد عدم السعال عندما تتعرض المركب للاعتراض من دوريات التفتيش وإلا فالعواقب وخيمة، ويقدم الفيلم عددا من المواقف الحرجة للصياد أمام عمليات البحث عن الهاربين، وفى كل مرة ينجو، بمعجزة لأن السعال يتوقف ولم يتوقع أحد أن هناك جنديين في أسفل المركب..

وتهلل الصياد بوصول المركب إلى شاطئ بلد الأسيرين، ونادي عليهما ليكتشف أنهما فارقا الحياة، وقد وضع كل منهما قطعة قماش في فمه حتى لايصدرا صوتا ليسمعه من يبحث عنهما، وقف الصياد أمام الجثث متعجبا، كان ممكن واحد على الأقل ينجو وهو السليم، ولكنه وضع القماش هو الآخر ليشجع زميله المريض، وكانا يمكنهما النجاة لولا رغبتهما في الهرب والعودة لبلدهما!

علق على أحداث الفيلم الراحل الناقد الكبير سمير فريد قائلا: إنهما كانا يعلمان أنهما سيموتان ولكنهما أرادا العودة إلى بلدهما ويكون الموت والدفن فيها، هنا تكمن فكرة الوطن!

أتذكر هذا الفيلم كلما قرأت أن مصريا مات في الخارج، وكانت وصيته الدفن في تراب مصر، حدث أن قريبا لى كان يعيش على أطراف الحدود الأمريكية الكندية على المحيط، وطلب الدفن في تراب بلده مصر، الغريب أن هذا الأمر يطلبه الصالح والطالح، على سبيل المثال رفض حسنى مبارك الخروج من مصر بعد 25 من يناير 2011، وكان هذا يجنبه السجن وكل ما حدث معه، إلا أنه رفض وتمسك بالبقاء ويحدث ما يحدث ويموت ويدفن في تراب بلده، حتى الملياردير حسين سالم كان يحاول بكل ما أوتى للتصالح والعودة للموت والدفن في مصر، ولهذا فإننى أصدق أم الشابة مريم التي قتلت في لندن منذ أيام، عندما تقول إن مريم جاءتها في الحلم وطلبت منها أن تدفن في مصر.

أعود للذين يحاولون إهالة التراب على كل شىء في مصر لأهداف شخصية، وهم في الحقيقة يهيلون التراب على اسم ومكانة مصر دون أن يشعروا، هل يقدرون معنى الوطن!!؟ هل نسوا أن شاه إيران الذي كان أكبر عميل للغرب والشرطى الأول لدى الأمريكان طردته أمريكا ورفض العالم استقباله وهو مريض إلا مصر استقبلته ومات ودفن فيها!؟

هل نسى هؤلاء أن أسامة بن لادن كان رجل أمريكا؟ حتى صدام حسين كانت أمريكا تدعمه ضد إيران؟ والقذافى سلم لها كل شىء؟ أليست طالبان وداعش صناعة أمريكية وغربية!؟ حتى السادات بعد كامب ديفيد تخلت عنه الدولة التي قال عنها تملك أوراق اللعبة في قضية الشرق الأوسط!؟

السؤال الذي أوجهه لهؤلاء ألم يلفت نظرك أن أجندة مطالبك هي نفس أجندة أعداء الوطن؟ وهل الغرب ممكن أن يكون حليفا إلا على أنقاض بلدنا أو وطننا العربى !!؟ عليك أن تراقب.. وتراجع.. نفسك لأن اتفاق أجندة الوطن مع اأداء الوطن مستحيل!

أيام وستبدأ انتخابات الرئاسة، انزل وشارك، اختار كما تريد، اختار السيسي، اختار مصطفى موسى، ابطل صوتك، شارك وهذا هو المهم، شارك ليس لإنجاح السيسي أو مصطفى موسى، أو حتى لإبطال الانتخابات، ولكن شارك من أجل الوطن، شارك للمحافظة على الوطن الذي يحتضن الجميع بلا تمييز، شارك من أجل محاولة جادة لبناء غد أفضل للأبناء والأحفاد، شارك ولا تجلس في البيت كما فعلنا أيام الرئيس الأسبق حسنى مبارك فحكمنا ثلاثين عاما، إذا أردت التغيير انزل وشارك..

من أجل الوطن.. وعلينا أن نذكر دائما أن مصر كرمتها السماء.. ولن يتخلى عنها رب السماء.. فعلى أبنائها أن يحافظوا عليها.. وتحيا مصر.
الجريدة الرسمية