رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

حقائق غائبة في حوار الرئيس


فتح الغموض الذي أحاط بحوار المخرجة الشابة ساندرا نشأت مع الرئيس المجال لاجتهادات ومعلومات غير صحيحة في الفضائيات والمواقع الإلكترونية عن مكان وتوقيت إجرائه والمدة الزمنية التي استغرقها، وهل هناك أسئلة رفض الرئيس أو تحفظ على الإجابة عنها؟ ولماذا لم تكن تترات الحوار مصحوبة بإجابات عن هذه الأسئلة وغيرها، ولماذا لم تستكمل ساندرا نفسها الصورة الكاملة بحديث مصور عن كواليس الحوار وسر اختيارها هي بالتحديد لإجرائه دون باقي الإعلاميين والصحفيين والفنانين المصريين.


السؤال الأهم: لماذا لا يقبل الرئيس بإجراء مثل هذه النوعية من الحوارات بصفة دورية دون أن يكون مرتبطًا بمناسبة الفترة الرئاسية الأولى، أظن أنها تزيل الكثير من الغموض والالتباس في كثير من القضايا وتقرب المسافات والرؤى بين الرئيس وأفراد الشعب، فالرئيس بهذا الحوار وأى حوار يتم إجراؤه معه يكسب الكثير من التعاطف ويستميل الكثيرين لوجهات نظره الثاقبة ويزيل الكثير من المفاهيم الخاطئة المغلوطة لديهم.

أتفهم أن يتم اختيار مخرجة شابة لمحاورة الرئيس على غرار حوار المخرج الأمريكى العالمى أوليفر ستون مع الرئيس الروسى بوتين الذي تم تصويره بين عامى 2015 و2017، أو حوار مقدم البرامج التليفزيونية البريطانى سير دفيد فروست مع الرئيس الأمريكى الأسبق نيكسون عام 1977، ولكن المقارنة قد تظلم المخرجة المصرية الشابة التي أخرجت 5 أعمال سينمائية هي "المصلحة"، و"ملاكي إسكندرية" و"الرهينة" و"حرامية في كي جي تو" "وحرامية في تايلاند"، وتخوض التجربة الحوارية لأول مرة ولم تكمل بعد 50 عامًا، أما ستون فهو مخرج مخضرم ومحترف، أعجبته لعبة الحوارات الوثائقية، فصار أشبه بمؤرخ يكتب التاريخ بوثائق سينمائية حوارية مع الرؤساء وكبار اللاعبين في المشهد العالمى المعاصر، ويجعل الكاميرا تتكلم من خلال تعبيرات الوجه ونظره العين ولغة الجسد ومن يشاهد حواراته المصورة يخرج بمعلومات كثيرة تفوق ما يقوله الضيف المتحدث.

وبعيدًا عن الفارق الكبير في الإخراج والتصوير بين الحوارين، فإن مواجهة رئيس مصر بما يبوح به الناس في الشارع من إيماءات وإسقاطات وانتقادات عفوية لبعض السياسات هي ظاهرة إيجابية تحدث لأول مرة في ظل إحاطته دومًا بـ"حاشية" تخفى عنه حقيقة مشاعر الناس حرصا على عدم تعكير مزاجه، والأجمل هو اعتراف الرئيس بإخلاء الشارع أثناء مرور موكبه عندما قال "لا والله.. أولا هم إللي بيعملولي كده.. مش أنا اللي بعمل وبيقولولي لو معملناش كده هتاخد وقت كبير أوي لما توصل".

أهم رسالة وصلت للرئيس من التقرير التلفزيونى المصور في الحوار أن الناس أصبحت "تخاف تتكلم بحرية".. وأهم رسالة من الرئيس للناس "اتكلموا زي ما أنتو عايزين، والمفروض أنه ميكونش فيه مشكلة عند حد في الكلام، والناس حرة تمامًا في كل آرائها وتصرفاتها.. اللي مش حرة فيه بس هو أن تؤذي البلد بعمل عنيف".

أخطر ما فى الحوار أن الرئيس منح الضوء الأخضر لملاك الفضائيات لتحجيم وتقليص ظاهرة "التوك شو" وإلغاء بعضها قريبا عندما قال عن الإعلام "ما فيش حاجة اسمها كل يوم حد يطلع يتكلم 3 ساعات هيقول إيه يعني كل يوم لمدة سنة، للأسف أحيانًا يتم استدراجهم لموضوعات لا تعكس طبيعة مجتمعنا وتقاليده لمجرد اجتذاب الإعلانات وتحقيق نسب مشاهدة عالية لصالح القناة".

بقى أن أقول كمواطن مصرى للرئيس لو أتيح لى سؤاله "ألم يلفت انتباه سيادتك حالة الفوضى وغياب الشرطة المجتمعية، والتقصير الواضح في تحقيق الأمن المجتمعى، ألا ترى شوارع البلد وقد صارت أشبه بـ"سويقة كبيرة" تزدحم بالإشغالات وبالباعة الجائلين والتكاتك والموتوسيكلات والبلطجية بحيث أصبح خروج المواطن المصرى من بيته إلى أي مكان سواء للعمل أو التنزه أو أي سبب آخر أشبه برحلة عذاب ذهابًا وعودة، وأن الوقت الذي كان يستغرقه أي مشوار تضاعف إلى 3 أو 4 مرات عن الوقت الذي كان يستغرقه من قبل"، أطلب من الرئيس أن يصدر تعليماته لجهاز الشرطة بإعادة الانضباط السلوكى والمروري للشارع المصرى على غرار حملات الانضباط التي كنا نراها في الشوارع قبل عشرات السنين".

ملاحظة أخيرة هي أن الحوار غاب عنه الحديث عن الفساد المستشرى كالسرطان في جسد كثير من أجهزة الدولة، وكلما تم محاربته في جهة توحش في جهات أخرى، بحيث صرنا نرى موظفين يتقاعسون ويتغاضون عن تحصيل حق الدولة في مخالفات مقابل رشاوى يتقاضونها في جيوبهم، وهو مايضيع على الدولة ملايين الجنيهات يوميًا.

سيادة الرئيس.. القضاء على الفساد وإنهاء الفوضى المجتمعية وتخفيف حدة الغلاء عن كاهل الناس من وجهة نظرى المتواضعة هي أهم 3 استحقاقات في الفترة الرئاسية الثانية لسيادتكم.
Advertisements
الجريدة الرسمية