رئيس التحرير
عصام كامل

أنواع وعدد القرابين المقدمة لآلهة الفراعنة

فيتو

قال مجدي شاكر كبير أثريين بوزارة الآثار، إن المعابد هي جزء من الإله على أرض الأحياء، وبالتالي يتعين الإبقاء على هذه القوة التي تضمن رخاء البلاد من ناحية، وحمايتها من هجمات الشر، وفى سكن الإله هذا (المعبد) يقوم الملك بدور الوسيط بينه وبين البشر؛ لأنه ظل له، بل أحيانا يندمج معه، فالملك هو وحده من له السلطة لتشييد ورعاية هذه المعابد المقدسة.


وأكد "شاكر" أن المعابد وما بها من مناظر تقف شاهدا على عظمة حضارتنا، ولكن كثيرا من نقوشها مازالت لغة غير مفهومة لزائريها، ونرى أهم المناظر اللقاء بين الملك والآلهة، ولكن رغم عدم الفهم مازالت نقوشها تجذب السائح سواء بفضل بقاء معظمها على حالتها، حتى يخيل للزائر أن الكاهن قد فرغ لتوه من هنا، ولكن إذا فهمنا ما فيها وما تحويه النقوش التي تغطي كل جزء فيها، لكان سرا أجمل؛ لأن أهم ما بها هي سلسلة من اللقاءات المتصلة بين الملك والإله، ولا يهمنا هنا شخصية الملك أو الإله، فكلاهما متغير، ولكن القربان المقدم للإله هو الثابت في كل العصور، وهو قربان متبادل بينهما يتم في جو من السعادة، ويلاحظ أن النيل يكون حاضرا في كل المراحل.

القربان وأهميته
تحتل القرابين مكانة هامة في كل المعابد والمقابر وبعض القرابين لم يتغير تمثيلها، فنجدها واحدة في جميع العصور مثل تمثال "ماعت" نفس الشكل، أما عدد القرابين فهى تتنوع في أشكالها وصنوفها حتى تصل لمائتي قربان، وتنقسم لأنواع رئيسية أبرزها:
التطهير والشراب 20 نوعا
الأطعمة ومنتجات الأرض 40 نوعا
الحلى والنسيج والدهانات 50 نوعا 
الطقوس الخاصة بالآلهة 20 نوعا
الطقوس الكونية والجنائزية والدفاعية 50 نوعا 
الطقوس الدينية 30 نوعا 
وعادة تقدم القرابين لإله واحد سواء أكانت تصاحبه آلهة أخرى أم لا، وكلها طلب لتبادل العطايا حيث يقول الملك للإله (أقدم لك الخبز لتضمن لى الطعام) وكان كل إله تقدم له القرابين يقوم بدوره بتسليمها لإله آخر وفى النهاية تسلم كلها إلى أوزوريس المستقر في القاعة نفسها، ويقوم الملك بتقديم رموز التتويج (ماعت والخمر والدهان) للثالوث آمون معبود طيبة ورع معبود هليوبوليس وبتاح معبود منف والثلاثة سيقومون بتتويج حورس ثم الفرعون نفسه.

ويرتبط اختيار القرابين وتوزيعها حسب رب المعبد ومكانه، فالمعبود رع في هليوبوليس غير بتاح في منف، ففي فيلة تقام الاحتفالات لمجيء الفيضان وفي إدفو تمجد الملكية الذكرية، وفى دندرة الملكية الأنثوية، كما أن اختيار القرابين يتأثر بالعوامل الدينية والجغرافية، فالماء هو الغالب في أسوان لوجود آلهة الفيضان وباقات الورود والخبز والخمر لحب إله الأرض، والمعبود مين يتلقى خيرات البلاد البعيدة أما المعبودات السيدات تتلقى المرايا وصلاصل العزف وتحوت معبود الحق يتلقى لوح الكتابة وينتظر الملك من الآلهة ردا على عطاياه:
- عمليات تطهير للملك الفيضان.
- تيجان وتعاويذ لحمايته وتطهيره.
- اللبن مقابل اللبن والصولجان مقابل الصولجان.
- السيطرة على الكون مقابل عين الأوجات ورمز الخلود.
- وحدة البلاد والملكية والشرعية مقابل التيجان والنباتات.
وكان الملك هو الكاهن الأكبر وكل قربان يقدمه يحمل به لقب جديد فهو المطهر والمعطر والصانع وهو كل شيء فهو (الملك والحاكم والسيد الأوحد) وكان الملك وهو يقدم القربان يكون واقفا دائما ذراعا بمحاذاة جسده أو يداه مرتفعتين أمامه في إشارة لعبادة الإله.

وأهم قربان في الصباح الباكر، هو تطهير الآلهة من أهم العمليات التي تسبق جميع المراسم عن طريق البخور وماء النيل ولابد للكهنة قبل دخولهم إلى المناطق المقدسة، وأن يكونوا حليقي الرؤوس والأذقان، مرتدين ملابس من الكتان الأبيض، ثم يحمل الكهنة الماء في أباريق من الذهب والفضة من النيل المطهر من أي دنس ويتلو بعض النصوص السحرية على الماء لتطهيرها من الجراثيم، ثم يقوم بنثره في جميع أرجاء المعبد مع الزهور وملح النطرون.

ويقدم الشراب من الخمر من عصير العنب أو الشعير وهى الأكثر تكرار في القرابين وكان يسمى أكسير الحياة ثم اللبن ثم تقدم الأطعمة المختلفة على مائدة القرابين من خبز وحلوى وقطع لحوم وطيور من الإوز والسمان وهناك الفواكه من التين والتمر، والعسل، وتوضع قطع من النسيج والدهان والأحجار الكريمة والزيوت والكحل والحلى والتيجان، ويكون كل ذلك محاط بالزهور واللوتس والبردي وسعف النخيل ثم يغلق الحجرة المقدسة ولكى يزيل أي أثر لخطواته يقوم بصب الماء من زهرية ومقشة من نبات تنبعث منه رائحة كريهة لطرد العقارب والثعابين ثم يخرج متراجعا للخلف موجها وجهه للإله.
الجريدة الرسمية