رئيس التحرير
عصام كامل

شعب ورئيس وساندرا


تفقد المشاعر جذوتها إذا أسهبنا في الحديث عنها، وتأخذ مناحي أخرى إذا توقفنا بالتحليل أمام كل تفاصيلها، لذلك كان كتمانها حتى لو تصارعت بداخلنا أفضل من أن نختزلها في كلمات فنفقدها معانيها. ربما لا ينطبق ذلك على الحوار الذي أجرته المخرجة ساندرا نشأت مع الرئيس السيسي، لأن السياسة لا تعرف لغة المشاعر، لكن الغلبة كانت لمشاعري في التعاطي مع الحوار، رغم يقيني أنه تعاطٍ ينقصه إعمال العقل، لكن عزائي أنني لم ولن أدرج في قوائم المحللين أو النشطاء السياسيين، فقط.. مواطن تفاعل مع حوار لمواطنة مع الرئيس، فكان أقرب إلى حالة توارى فيها الجانب الصحفي في أحيان كثيرة ليبرز الجانب الإنساني.


خرج حوار (شعب ورئيس) عن الشكل التقليدي فكان أقرب إلى الفيلم بموسيقاه وكادراته ومونتاجه وحبكته وبنائه الدرامي وتكوينه ونهايته، وهو ما نأى به عن الملل المتهمة به أغلب البرامج التليفزيونية، مواطنة بسيطة وجريئة حملت بعض هموم المواطنين وتساؤلاتهم، وجلست مع الرئيس، فكانت الجلسة أقرب إلى دردشة رأينا فيها السيسي الأب والابن والزوج والمواطن والرئيس، لمسنا نقاط الضعف الإنساني بداخله ونقاط القوة، يؤلمه عوز مواطن، لكنه لا يثنيه عن القفز إلى المستقبل، يعلم أن اختياراته لبعض المسئولين ربما لا تروق لآخرين، لكنه يعول على من يتم إعدادهم حاليًا..

ود لو نافسه كثيرون في الانتخابات الرئاسية، لكنه ألمح إلى تقاعس الأحزاب السياسية، رد على ما يردده البعض حول زحف اقتصاد الجيش على اقتصاد الدولة، وتمنى أن يشكل اقتصاد الجيش خمسين في المائة كما يشيع البعض، وليس اثنين أو ثلاثة في المائة كما هو حادث، انتقد كثرة الكلام في الإعلام حتى إن المذيع يتحدث ثلاث ساعات يوميًا، لكنه أكد أنه لم يمنع أحدا من الكلام.

اختلف أو اتفق مع ما جاء في (شعب ورئيس) لكن لا تخرجه عن كونه دفقة مشاعر لا تقبل كثيرًا من التأويلات السياسية ولا الثرثرة الإعلامية، وإذا كان التصدي بالتحليل لكل كلمة يقولها الرئيس ضرورة تقتضيها المهنية.. فأغلب المذيعين الذين اجتهدوا في تحليل الحوار أفسدوا علينا متعة إحساسنا به، لأنهم أخذونا إلى مناطق شائكة لا تتناسب وبساطة اللقاء، لذلك كان عدم كلامهم أفضل لنا.

أما اختيار ساندرا نشأت فكان موفقًا لأسباب كثيرة، لعل أبرزها تمتعها بمصداقية وتلقائية يفتقدها أغلب المذيعين، وجرأة خلت من النفاق والتطبيل، وهذا ما أحسه الرئيس فبادلها نفس التلقائية والجرأة، كما أنها ذهبت محملة بتساؤلات للمواطنين، ولم تدخر لنفسها سؤالا للفت الأنظار كما يفعل البعض لزوم النجومية، فأصبحت نجمة في اللقاء دون قصد منها، وهذا يحتم على أصحاب القرار إعادة النظر في الوجوه التي نراها على الشاشة، وخاصة (شروة) المذيعين والمذيعات الذين ظهروا مؤخرًا..

وللأسف هؤلاء يتاجرون بتواجدهم خلف الرئيس في كل المحافل، ينشرون دعوات الرئاسة لهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ويفرضون على المسئولين في القنوات ما لا طاقة لهم به، فمن اختار هؤلاء وزج بهم إلى الشاشة أساء إلى نفسه وإلى الرئيس، كما أنه ارتكب جريمة في حق الإعلام المصري سوف يحاسب عليها إن عاجلًا أو آجلًا.
basher_hassan@hotmail.com
الجريدة الرسمية