رئيس التحرير
عصام كامل

محمود قورة يكتب: أماه فلتغفري

فيتو

حينما همت بي نفسي أكتب إليكِ، تطايرت مكنونات صدري، تأملت نفسي حينها، ومن ثم علمت حقيقة وقوع النفس في شرك الصمت.
تساءلت عن ماذا سأكتب؟ عن حياة بأكملها؟ أم عن روح وهبت نفسها لمرضاتي، أم عن حب صاف ربما رآه كل من سمعه أنه خيال؟

جاءني صديق لي يقول "آحضرت هديتك؟". قلت لمن؟ ولمه؟ فقال ويبدو على وجهه آثار التهجم «النهاردة عيد الأم».

تخلل خاطري آثار وهج أشاع قلبي، ورطب على قلبي المكظوم فتوره، وقفت متأملا في تسائله وقفة السجين من اقتراب الإعدام، لم أجرب في حياتي تبعات المقولة الشهيرة «الصمت في حرم الجمال جمال»، جال بخاطري أحداث الصبا وما فيها لأروي لذاكرتي «تحويشة» الأسبوع انتظارا ليوم جميل، نقدم فيه بعض الورود البلاستيكية ومظروفا مكتوبا عليه بعض عبارات الحب المفتعلة، كان هذا احتفائنا بها.

بعدما كبرت يا أمي وأصبحت شابا يافعا، أدركت أن ورود الدنيا كلها لا تساوي شيئا في سبيل مرضاتك، تساءلت مغتاظا، كيف أني يا أمي آتيكي بوردة بلاستيكية لأعبر عن امتناني بك، عن حبي لك، وعجزي عن رد جميل مهما حصلت من الدنيا لن أوفيه.

تساءل صديقي قاطعا وصال أفكاري الملبد بالأحداث قائلا: هتجيب ايه؟ فنظرت إليه نظرة المستنكر بلهجة تملؤها الأسى وغمغمت: وماذا سآتي؟ لم يدرك صديقي أنه بمرور الأيام لم أفهم قدر حب صاف، كما أنه لم يعي أن من أكبر جرائمي هي احتفائي بها يوما أو بعض يوم، هي جنة قطفت كل ثمارها لأكون كما أنا، هي الأمل يا صديقي، هي الاحتواء، هي الصبر، هي الإخلاص.

لا يسعني يا أمي سوى أن أقبِّل ثغرك الماثل، وأنحني عند قدميك لأرشف منها مرضاتك، فلتغفري ما كان يا أمي، حفظك الله وأطال في عمرك.
الجريدة الرسمية