رئيس التحرير
عصام كامل

الله عليك يا شعب


أمس الأول ومع بداية تصويت المصريين في الخارج كتبت وتمنيت أن تحظى الانتخابات الرئاسية باهتمامهم؛ لأنها سوف تكون المؤشر على جدية المشاركة السياسية، وأيضًا تأكيدًا لاستمرار الحماس والإيجابية التي تُعد من أهم مكاسب ثورة 25 يناير 2011، وقد جاءت مشاهد التصويت وإقبال المواطنين على المشاركة تفوق ما كنا نتوقعه ونتمناه، ولكن هذا هو الشعب المصري الذي يثبت يوميًا أن أسوأ ما كان فيه هو مسئولوه، الذين كانوا لا يثقون فيه ولا يشركوه في إدارة بلده ويتهمونه دائمًا بالفشل والكسل.


مشكلة الشعب المصري هي عدم استغلاله بل إساءة إدارته، ولكن حينما يحتاجه الوطن أو يثق في قيادته يفعل المستحيل رغم كل الظروف الصعبة التي عاشها على مدى أكثر من نصف قرن، ولكن المواقف الوطنية لهذا الشعب العظيم كثيرة وناصعة البياض نذكر منها:

حينما طلب منه الرئيس السيسي المساهمة في تمويل حفر قناة السويس جمع 64 مليارًا في أسبوع، وحينما طلب منه تفويضًا لمكافحة الإرهاب خرج بالملايين، فبعد نكسة 67 الشعب وقف خلف قواته المسلحة والملايين نزلت الشوارع تطالب الرئيس المهزوم بالتراجع عن قراره بالتنحي وهو نفس الشعب الذي ساند جيشه في انتصار أكتوبر حتى المجرمون توقفوا عن جرائمهم، وهو أيضًا نفس الشعب الذي حافظ على بلده وحما مؤسساته بعد تنحي مبارك.

وهو أيضًا الشعب الذي يشكره الرئيس السيسي في كل المناسبات المحلية والدولية لأنه تحمل قرارات اقتصادية غاية في الصعوبة.. كل هذه المواقف تذكرتها وأنا أشاهد طوابير المصريين في الخارج أمام اللجان الانتخابية الذين قطعوا مسافات طويلة، لأنهم شعروا أن بلدهم في حاجة إليهم، وأن مشاركتهم تؤكد للعالم أننا كشعب خلف قيادتنا، ولن نسمح بالإساءة لبلدنا، قد نختلف مع بعضنا ولكن أبدًا لن نختلف على بلدنا ولا على جيشنا وشرطتنا.

المصريون في الخارج أعطوا الدرس وضربوا أروع الأمثلة في الانتماء والوطنية وحب البلد حتى أبناؤهم من الجيل الثاني والثالث الذين ربما بعضهم لم يشرب من ماء النيل، ولكنه ورث الانتماء عن الآباء والأجداد.

قد أتفهم حرص المصريين في أوروبا وأمريكا على المشاركة؛ لأن معظمهم من طبقة ثقافية ومستوى معيشي متميز، ولكن ما أثار دهشتي وإعجابي المصريين في الخليج؛ لأن معظمهم في ظروف معيشية صعبة داخل مصر وخارجها، ولكن حرصوا على المشاركة وتكبدوا نفقات السفر وهم في أشد الحاجة للوقت والمال، فهذا تأكيد أن حب البلد بالأفعال وليس فقط بالأقوال.

ما فعله المصريون بالخارج هو دين وجميل في رقبة الرئيس وفي أعناقنا جميعًا ويجب العمل من أجلهم حتى نرحمهم من مذلة الإقامة في الغربة وأيضًا الإهانة في أحيان كثيرة.

الإنسان ابن بيئته ونتاج الظروف المحيطة به، ورغم تدهور مستوى التعليم والإعلام والفن والثقافة والأحزاب والسياسية والصحة والاقتصاد فإن المواطن المصري ما زال يحتفظ ببعض قيمه، ووقت الأزمات يظهر معدنه الأصيل ومخزونه الحضاري ويحتاج فقط إلى القدوة، ولمن يثق فيه ويحفز قدراته وسوف يعطي أفضل ما لديه، والأمثلة كثيرة لملايين المصريين في القطاع الخاص والبنوك والشركات الدولية والسفارات الأجنبية بالقاهرة وفي المصانع والحقول يعملون بمنتهى الجدية والانضباط، كما أن المصريين في الخارج كانوا سببًا في نهضة الدول التي يعملون بها.

إنه شعب عانى كثيرًا ويستحق الاحترام والتقدير وحياة أفضل مما هو عليها الآن.. كل التحية للمصريبن في الخارج الذين بدءوا الملحمة الوطنية، والتي سوف تكتمل بانتخابات الداخل الأسبوع المقبل حتى تحيا مصر مرفوعة الرأس بفضل شعبها العظيم.
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية