رئيس التحرير
عصام كامل

فتنة استقالة الأساقفة.. «البابا» بين خيارين «كلاهما مر».. الأنبا إبرام يُربك الحسابات بطلب العودة للحياة الرهبانية.. غياب القوانين تزيد من الأزمة.. والقمص «عبدالمسيح» يكش

البابا تواضروس الثاني
البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية

طريق الإصلاح الذي قرر البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، منذ جلوسه على عرش ماري مرقس الرسول، السير فيه لم يكن ممهدًا كما يظن البعض، فالأزمات كانت حاضرة دائما، والمنحنيات الصعبة هي الأخرى كانت سيدة الموقف في أزمات عدة شهدتها السنوات الماضية، لعل آخرها أزمة استقالة الأنبا إبرام، أسقف الفيوم، الذي يمكن القول إنه ألقى حجرا في المياه الراكدة في حوض الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، عندما تقدم باستقالته من منصبه، راغبا في العودة إلى الدير لمزيد من الخلوة الروحية مع الله، خاصة أن الاستقالة ليست من الأمور المعتادة في الكنيسة الأرثوذكسية.


السند القانوني

ووفقا للخطاب الذي أرسله الأنبا أغاثون، أسقف كرسى مغاغة والعدوة، رئيس رابطة خريجى الكلية الإكليريكية، للأنبا رافائيل، سكرتير المجمع المقدس «لا يوجد سند قانونى أمام لجنة شئون الإيبراشيات أو المجمع المقدس برئاسة البابا تواضروس الثانى ولا قوانين الكنيسة ولا مجامع الكنيسة، يسمح بالموافقة أو قبول استقالة أسقف الفيوم، والاعتكاف في قلايته بدير الأنبا بيشوى».

المعروف أنه في الكنيسة لا يوجد ما يسمى باستقالة الكاهن أو الأسقف، باعتبار الكهنوت ليست «وظيفة» يمكن الاستقالة منها، كما أن هذه الوظيفة لا يأخذها أحد بنفسه بل المدعو من الله، والكهنوت عطية عظمى ممنوحة للكاهن من الله.

إسدال الستار

مؤخرا.. أسدل البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، الستار على أزمة الأنبا إبرام، مطران الفيوم، بعدما أصدر قرارا بإسناد مسئولية الإيبارشية إلى الأنبا إسحق، الأسقف العام، وهى الأزمة التي بدأت منذ أكثر من 6 أشهر، عندما قدم “الأنبا إبرام” استقالته من الإيبارشية، مقررًا الاعتكاف في دير الأنبا بيشوي، بوادى النطرون، رغبة في العودة إلى الحياة الرهبانية، وهو ما فتح باب الشائعات التي ترددت وقتها، وأشارت أغلبها إلى وجود خلاف ما خفى بين «البابا» و«المطران»، بسبب محاولة تمرير البابا قرار معمودية الكاثوليك.

الظروف الصحية
الأنبا إبرام.. أغلق الباب سريعا أمام تلك الشائعات، وخرج يؤكد أن اعتذاره عن عدم استكمال الخدمة في الإيبارشية، يرجع إلى ظروفه الصحية التي لا تساعده على القيام بمهامه بالشكل المطلوب، مؤكدا في الوقت نفسه اعتزازه بالبابا تواضروس الثاني، قائلا: «من كل قلبى أشكر صاحب الغبطة والقداسة البابا تواضروس الثانى وكذلك آبائى المطارنة والأساقفة أعضاء المجمع المقدس لكنيستنا القبطية لتفهمهم موقفى واستجابة لطلبى راجيا صلواتكم لأجلى»، كما اعتذر مطران الفيوم إلى كل من أخطأ في حقهم، طالبا المغفرة.

العودة
الأمر لم ينته عند هذا الحد، فتصريحات “الأسقف المستقيل” تبعها بيان الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، تؤكد فيه أن الأنبا إبرام تقدم بخطاب إلى لجنة الإيبارشيات بالمجمع المقدس، يطلب فيها التراجع عن ترك مهامه الرعوية في إيبارشية الفيوم والعودة إلى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، لقاء فترة اعتكاف مفتوحة غير محددة المدة، على أن تقوم لجنة الإيبارشيات بتسيير عمل الإيبارشية لحين عودته.

في السياق.. كشفت مصادر كنسية أن الأنبا إبرام ترك الإيبارشية وتوجه إلى قربته بدير الأنبا بيشوى في وادى النطرون، دون أن تذكر هل إسناد مسئولية إيبارشية الفيوم إلى الأنبا إسحق؟، يعتبر قبولا ضمنيا لاستقالة الأنبا إبرام، خاصة أن فكرة «الاستقالة» مخالفة للعرف الكنسي، الذي لا يسمح بقبول إعفاء الأب الأسقف من أسقفيته وعمله الرعوي، الذي تسلمه من السيد المسيح ومن الكنيسة يوم سيامته أسقفا.

لكن القرار البابوى الذي يحمل رقم (4\2018)، كشف أن الأنبا إبرام طلب إعفاءه من منصبه منذ أكثر من 7 أشهر، ولم تثنه محاولات أساقفة الكنيسة، عن قراره، ومع إصراره قرر البابا قبول طلبه.

استقالة أسقف الفيوم في حد ذاتها ليست الأزمة، لكن وفقا لمصدر كنسى- تحفظت عدم ذكر اسمها- فإن الاستقالة وضعت البابا في ورطة، حيث إن من قبل الاستقالة عليه أن يقبل بالإقالة، فكلاهما سواء، وعليه فإن البابا فتح الباب للاستقالة، وبالتبعية للإقالة، وعليه يمكن لشعب إيبارشية، أن يطالب بإقالة الأسقف في حالة عدم توافقهم معه، أو لأسباب شخصية، وهو ما يخلخل قوانين أو أعراف الكنيسة القبطية، ويضع البابا في موقف محرج.

إقالة البابا
المصدر راح لأبعد من ذلك حين قال: إقالة الأسقف تفتح الباب أمام إقالة البابا نفسه، باعتباره «رئيس أساقفه»، فحين يجتمع عدد من الأساقفة رافضين استمرار البابا في منصبه، قد يطالبون بإقالته، وهنا يكون أمام خيارين ليس لهما ثالث، الأول هو إما أن يخضع لرغبتهم، أو يتمسك بالقرار الجمهوري، حيث إن البابا يعين بقرار جمهورى بعد اختياره من قبل الكنيسة.

بدوره.. القمص «عبد المسيح بسيط»، كاهن كنيسة العذراء بمسطرد، نفى وجود استقالة أو إقالة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إلا إذا ارتكب الأسقف خطأ يحاكم عليه، مشيرا إلى أن أسقف الفيوم طلب إعفاءه من مسئوليات الإيبارشية، والعودة إلى الدير، لكنه سيظل أسقفا للفيوم حتى وفاته، ولا يعين بديلا له، ويدير الأسقفية أسقف عام.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية