رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عندما غاب العقل والوعي (٥)


من الأمور التي تثير التعجب، ادعاء الإخوان ومناصريهم أن من قاموا بثورة ٣٠ يونيو هم في الأساس أقباط مصر، حيث بلغت نسبتهم -حسب زعمهم- أكثر من ٦٠٪ من مجموع الثوار، الأمر الذي دفعهم إلى ارتكاب جرائم في حقهم كحرق كنائسهم وممتلكاتهم عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة المسلحين!! 


والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو كيف عرف الإخوان ومناصروهم ذلك؟ هل كان الأقباط يرفعون صلبانهم أثناء الثورة؟ هل كانت لهم هتافات أو أزياء أو مظاهر خاصة تميزهم عن غيرهم؟ هل كان هناك من يحصى أعدادهم، وكيف تم ذلك؟ ولنفترض جدلا أن هذه النسبة صحيحة -وإن كنا نشك في ذلك كثيرا- ألم يسأل الإخوان أنفسهم لماذا خرج هؤلاء عن بكرة أبيهم وثاروا على حكمهم؟ ألم يكن ذلك دليلا على فشل الإخوان وعدم قدرتهم على التفاهم مع الإخوة الأقباط، والاقتراب منهم ومد جسور الصلة معهم، ومحاولة التعرف على مشكلاتهم واحتياجاتهم، وكيفية الاستفادة منهم لما فيه الصالح العام؟

لقد كانت فرصة كبرى -لمن تولى شئون البلاد- أن يبرزوا عظمة الوجه الحضارى للمسلمين في التعامل -بشكل صحيح وسليم- مع إخواننا الأقباط تطبيقا لقول الله تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" (الممتحنة: ٨).. ومعلوم أن البر هو الاسم الجامع لكل خير، والقسط هو العدل، والمقصود هو إحسان الصلة بهم والتعامل بالعدل معهم، شأنهم شأن غيرهم..

ولعلنا لا نذهب بعيدا في هذا الصدد، عندما نستحضر قوله جل وعلا: "لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا، ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون" (المائدة: ٨٢).. ثم، ألا يمثل هؤلاء الأقباط جزءا من نسيج هذا الوطن، لهم كافة حقوق المواطنة، وهم شركاء الوطن والقرار والمصير، وبالتالي لهم الحق في أن يثوروا مثل غيرهم؟

هل نسى الإخوان أن إخواننا الأقباط شاركوا في ثورة ٢٥ يناير، وأن مشاركتهم كانت قوية وفعالة، وأثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن الشعب المصرى على اختلاف شرائحه وفئاته كان ولا يزال جسدا واحدا وكتلة واحدة، وألا ما حققت الثورة أحد أهدافها وهو تنحى "مبارك"؟ ألم يسألوا أنفسهم، ما هو الحال لو أن هذه المشاركة لم تحدث أصلا؟ ونتساءل: لماذا قبل الإخوان مشاركتهم في ثورة ٢٥ يناير، بل وسعدوا بها أيما سعادة، ورفضوا مشاركتهم في ثورة ٣٠ يونيو؟ هل لأن الثورة كانت ضدهم، وهل نسوا ما قاله الدكتور مرسي أثناء الحملة الانتخابية إنه لو ثار ضده ١٠ آلاف مواطن فسوف يتنحى عن السلطة؟
Advertisements
الجريدة الرسمية