رئيس التحرير
عصام كامل

معارك سيخلدها التاريخ!!


الحروب التقليدية والتي دائمًا تكون بين جيشين أو أكثر قد اختفت تقريبًا منذ زمن بعيد، وما هو معروف وشائع الآن على ساحة الحروب العالمية هو الجيل الرابع للحروب وهو مصطلح استخدم لأول مرة عام 1989 من قبل فريق من المحللين الأمريكيين، من بينهم "ويليام ستركس ليند" لوصف الحروب التي تعتمد على مبدأ اللامركزية، ويشير المفهوم حسب الاستخدام الأمريكى إلى الحرب على المنظمات الإرهابية، والتي يكون طرفا الحرب فيها جيشًا نظاميًا لدولة ما مقابل لا دولة أو عدو أو خلايا خفية تمتلك قدرات تنظيمية وإمكانيات مادية وتسليح وتستخدم وسائل الإعلام الجديد والتقليدى ومنظمات المجتمع المدني والمعارضة والاستخبارات لفرض سيطرتها وإجبار الدولة على الانسحاب من مناطق نفوذها.


وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية ووفقًا لتعريفها هي أول من خاض هذه الحرب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 في مواجهة تنظيم القاعدة المزعوم، والذي على أثره قامت بغزو أفغانستان ثم العراق، وانتهت الحرب بهزيمة جيشها النظامى في مواجهة المقاومة الوطنية في البلدين، حيث تكبدت خسائر فادحة اضطرت بعدها للانسحاب، وعلى الرغم من أن المحللين الأمريكيين يرغبون في إيهامنا بأن هذا النوع من الحروب جديد تمامًا فإننا نجد تشابها كبيرا بينه وبين حرب الشوارع والعصابات بل هو الشكل الأكثر تطورًا لها.

وحرب الشوارع والعصابات تكون بين مجموعات قتالية يجمعها هدف واحد في مواجهة جيش تقليدى، حيث تتكون هذه المجموعات من وحدات قتالية صغيرة نسبيا مدعمة بتسليح أقل عددا ونوعية من تسليح الجيوش، وتتبع أسلوب المباغتة في القتال ضد التنظيمات العسكرية التقليدية في ظروف يتم اختيارها بصورة غير ملائمة للجيش النظامى، وتعد حرب فيتنام نموذجا لهذه الحرب التي هزم فيها الجيش الأمريكى بعد قتال استمر لثمانى سنوات.

ووفقا لذلك وأثناء التخطيط لما يعرف بمشروع الشرق الأوسط الجديد ( المشروع الأمريكى – الصهيونى ) قرر الخبراء العسكريين والاستراتيجيين الأمريكيين الاعتماد على هذا الشكل الجديد من الحروب لتقسيم وتفتيت الوطن العربي، ولم تكن لتبدأ المعركة قبل عقد الاتفاق (الصفقة) مع الجماعات التكفيرية الإرهابية التي ستخوض الحرب بالوكالة في مواجهة الجيوش الوطنية داخل المجتمعات العربية.

وتم بالفعل الاتفاق بنجاح بعد الوعد بالتسليح والتمويل وتسهيل عمليات المرور عبر الحدود والالتحام بنظرائهم داخل مجتمعاتنا العربية والذين يطلقون على أنفسهم لقب (معارضة)، في نفس التوقيت الذي بدأت فيه منظمات المجتمع المدنى المخترقة من أجهزة الاستخبارات في العمل، وانطلقت وسائل الإعلام الجديد والتقليدى في عمليات تزييف الوعى عبر نشر الأكاذيب والفبركات.

وبالطبع كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعتقد أنها ستكسب الحرب حتمًا، وسينجح مشروعها في تقسيم وتفتيت مجتمعاتنا العربية، فالجيش الأمريكى الذي خاض هذا النوع من الحروب في النصف قرن الأخير ثلاث مرات وهزم في فيتنام وأفغانستان والعراق جعلها على ثقة تامة من أن هذا النوع من الحروب لن تصمد أمامه كثيرًا جيوشنا الوطنية محدودة القدرات والإمكانات مقارنة بالجيش الأمريكى، لذلك عندما بدأت الحرب الكونية على سوريا، كانت التوقعات تنتظر انهيار جيشنا الأول خلال أيام في مواجهة الجماعات التكفيرية الإرهابية التي أحضرها العدو الأمريكى – الصهيونى من كل أصقاع الأرض إلى سوريا، لكن صمود جيشنا البطل أيام وشهور وسنوات أربك حسابات العدو وأذهل العالم.

فخلال سنوات الحرب وفى الوقت الذي كانت تتمدد فيه الجماعات التكفيرية الإرهابية على مساحات واسعة من الجغرافيا العربية السورية كان جيشنا العربي السورى يطور من استراتيجيات المواجهة ويبتدع أساليب جديدة لم تعرفها الجيوش النظامية التقليدية في مواجهة هذه العصابات المسلحة مستعينا بخبرات مقاتلى حزب الله، فخوض المعارك على الجبهات القتالية للجيوش التقليدية يختلف كثيرًا عن خوضها في قلب الشوارع وداخل المناطق السكنية وهذا ما كانت تراهن عليه الولايات المتحدة الأمريكية.

لكن خاب ظنها بانتصارات جيشنا العربي السورى في معارك مفصلية خلال هذه الحرب منها معركة القصير والزبدانى وباب عمرو والشيخ مسكين وتدمر والقلمون والمليحة وصيدا ومعلولا والقريتين والسلمية وريف حماة وريف حمص وحلب ودير الزور وأخيرًا معركة الغوطة الشرقية، وهى معارك سيخلدها التاريخ، وسوف تدرس في كبريات الأكاديميات العسكرية في العالم بعد انتهاء الحرب، حيث تمكن جيشنا العربي السورى من تجفيف منابع الإرهاب على الأرض السورية، وأصبح يسيطر على 98% من الجغرافيا السورية، وهو ما يعني انتصار سوريا على المشروع الأمريكى – الصهيونى.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية