رئيس التحرير
عصام كامل

إقالة الوزير ليست حلا!


كالعادة.. تعددت مطالب الخبراء وأعضاء مجلس النواب بإقالة وزير النقل، وتحميله مسئولية حادث المناشي البشع، الذي راح ضحيته مواطنون بسطاء، وأصيب العشرات غيرهم.. وكالعادة أيضًا.. سارع المسئولون في وزارة التضامن الاجتماعي بالإعلان عن مبالغ سيتم صرفها لكل حالة وفاة.. وإصابة لن تعوض غياب الأب أو الابن أو الزوج.. من ضحايا الحادث الأليم.


وكالعادة.. تم إصدار الأحكام الجماهيرية المتسرعة التي تدين السائق وعامل التحويلة، قبل أن تنتهي التحقيقات التي تجريها النيابة ويصدر القضاء أحكامه العادلة.

والأمر المؤكد.. أن إقالة الوزير أو إدانة السائق، لن تحل أزمات هيئة السكة الحديد.. التي تفاقمت عبر السنوات، وأدت إلى العديد من الحوادث التي راح ضحيتها العشرات من المواطنين الذين يستخدمون قطاراتها في تنقلاتهم، واكتفينا عقب كل حادث بإقالة وزير النقل وكأنه وحده المسئول عن تلك المشكلات، ولم تسفر تلك الإقالات عن حلول جادة، وإنما قطعت الطريق أمام بعض الوزراء الذين كانت لديهم رؤية لاقتحام المشكلات وتقديم الحلول، كما أدت إلى استبعاد توصيات العديد من تقارير اللجان المتخصصة التي بحثت عن جذور المشكلات.. وقدمت حلولا جادة لو تم الأخذ بها لتجنبنا العديد من الحوادث.. وحافظنا على حياة مواطنين راحوا ضحايا غياب الرؤى الشاملة لكيفية إنقاذ الهيئة.. وتطويرها.. وتدريب كوادرها.

اكتفينا بالحلول التي تهدئ من غضب الرأي العام والرهان على قدرة المصريين على النسيان، وهي حلول لا تعالج الأزمات من الجذور.

لم تفلح سياسة تغيير وزراء النقل في التقدم ولو خطوة واحدة على طريق وقف نزيف ضحايا حوادث القطارات.. بل زادتها تعقيدًا لأن كل وزير جديد كان يحتاج إلى وقت طويل للإلمام بالمشكلات الموروثة وعندما يبدأ في استيعاب تلك المشكلات يقع حادث جديد.. وتتعالى الأصوات المطالبة بإقالة الوزير لاستيعاب الغضب الجماهيري.. وتتكرر المأساة.. الوزير الجديد يدرس.. ويشكل اللجان المتخصصة.. وما يكاد يبدأ في خطوات العلاج حتى يقع حادث جديد.. يطيح بالوزير.. ويهدر الجهود التي بذلتها اللجان.

والأمر المؤكد أن سياسة إقالة الوزراء كلما وقع حادث جديد.. لن تساعد على المشكلات المتراكمة خلال سنوات طويلة، تم خلالها إهمال هذا المرفق الحيوي.. وتوقفت أعمال الصيانة والتجديد.. وتدهور مستوى الإدارة وتعددت صور الإهمال والفساد بين بعض القيادات في الهيئة.

وليس مطلوبًا سوى مراجعة توصيات اللجان السابقة التي استندت إلى المعلومات الصحيحة.. والعمل على تنفيذها حتى لو تطلب الأمر المزيد من الإنفاق والجرأة في اتخاذ القرارات الجادة حتى لو كانت مؤلمة.
الجريدة الرسمية