رئيس التحرير
عصام كامل

علماء مصر في الداخل!


الوزيرة النشطة نبيلة مكرم عبيد، وزير الهجرة والمصريين في الخارج، يحسب لها سعيها الجاد إلى ربط علماء مصر المغتربين بوطنهم الأم، والاستفادة منهم باعتبارهم ثروة قومية أُهملت على مدى عشرات السنين، ولذلك هي تحاول علاج أخطاء الماضي، رغم أنه كانت لدينا وزارة للمصريين في الخارج تحت مسميات مختلفة وقطاع للهجرة في أكثر من وزارة، ولكن لم يستطع عمل ما أنجزته السفيرة نبيلة مكرم خلال الفترة الوجيزة التي تولت فيها المسئولية..


الأسبوع الماضي كان المؤتمر الثالث للمصريين في الخارج "مصر تستطيع" والذي عقد في الأقصر، وكان حول الموارد المائية، ولذلك حرصت الوزارة على دعوة كل علماء مصر في العالم المتخصصين في هذا المجال، حقًا هي جهود مشكورة للسيدة الوزيرة ولكني خائف من ضياع جهودها بمجرد ترك منصبها، أو إلغاء الوزارة لأنها وزارة على كف عفريت، ومهددة بالإلغاء أو الدمج في أي لحظة..

لذلك أتمنى أن تكون هناك رؤية للدولة للتعامل مع المصريين في الخارج غير مرتبطة بشخص الوزير، ونستفيد من تجارب الآخرين، فمثلا علماء إسرائيل في المهجر هم جزء من الدولة العبرية ومن أسباب تقدمها ونهضتها، وهم مرتبطون بها وكأنهم يعيشون فيها ولم يغادروها، كما أن بعض الدول استدعت علمائها في الخارج وأسندت إليهم مناصب رسمية وإدارية وعلمية وساهموا بالفعل في الارتقاء ببلادهم..

المصريون في الخارج" أبناء النيل" ينقسمون إلى فئتين، الأولى حققت نجاحات كبيرة سواء في مجال العلم أو التجارة والاقتصاد ثم عادت تخدم بلدها في الداخل، أما الفئة الثانية مصر أنفقت عليهم الكثير طوال مراحل تعليمهم المختلفة في ظل ظروفها المادية الصعبة، ثم ارسلتهم للحصول على الدراجات العليا من أهم الجامعات العالمية، ولكنهم لم يعودوا ولا يتذكروننا إلا بعد تقاعدهم، أو في المؤتمرات أو في الصفقات أو الزيارة القصيرة جدًا على فترات متباعدة، وكل حياتهم وأموالهم وأفكارهم وجهودهم هي لخدمة الدول التي يحملون جنسيتها، وصوتهم الانتخابي هناك حتى أولادهم لم ولن يأتوا إلى مصر، وللأسف الدولة تمنحهم ما لا يستحقون وتحتفي بهم أكثر من علماء الداخل.

ولأنني لا أحب التعميم فإن بعضهم فعلا مهموم بوطنه الأم، ويحاول أن يساعد سواء من خلال تدريب شباب الباحثين، أو التبرع بالأجهزة للكليات التي تخرجوا فيها، أو إجراء بعض الجراحات والفحوص المجانية، ولكنهم أقلية، وبشكل فردي، أما الأكثرية فمصر بالنسبة لهم إما سبوبة أو استراحة، وقد يكون العيب فينا وليس فيهم؛ لأننا لم نعرف كيف نستفيد منهم، كما تحاول حاليا وزيرة الهجرة والتي أتمنى منها أن تضع نظام مؤسسي غير مرتبط بشخصها، كما أتمنى قبل أن تعقد المؤتمر الرابع للمصريين في الخارج أن تعلن للرأي العام ماذا استفادت مصر من المؤتمرات الثلاث السابقة؟ ومن علمائنا في الخارج خلال سنتين ونصف السنة التي تولت فيها المسئولية؟

أما الذي يستحق التكريم والاحترام والإجلال فعلا هم علماء مصر في الداخل، الذين يحملونها على أكتافهم في المستشفيات والمعامل والمزارع والمصانع، وخاضوا معاركها في الحروب والتنمية الذين عاشوا لحظات انتصارات الوطن وانكساراته، فقره وغناه، صعوده وهبوطه، وأفراحه وأحزانه، وتلوثت أقدامهم بترابه، وعلموا أجيالًا تتحمل المسئولية، ولم ولن يهربوا، فليس لديهم أوطان بديلة ولا يحملون سوى الجنسية المصرية.. فالتحية والتقدير لكل هؤلاء، وأيضًا للوزيرة نبيلة مكرم التي تحاول وفعلت ما لم يفعله السابقون، وتحيا مصر.
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية