رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عندما غاب العقل والوعي (٣)


زعم الإخوان ومناصروهم أن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية هي التي قامت بتثوير الشعب المصري ليخرج ضدهم في ٣٠ يونيو ٢٠١٣.. حسنًا، فلماذا لم تقم هذه الأجهزة بحشد الشعب خلف الفريق أحمد شفيق في الجولة الثانية للانتخابات، كي تحرم الإخوان فرصة الوصول إلى السلطة؟ ولماذا قبل الشعب -أصلا- أن يستدرج أو يساق إلى ثورة هو لا يريدها ولا يرغب فيها، وضد أناس هو يتعاطف معهم ويرى فيهم أمله وحلمه؟ وحتى لو افترضنا جدلا أنه كان لهذه الأجهزة دور في تثوير الشعب، فإن الأخير ما كان ليستجيب إلا لأنه ضاق بهم وبحكمهم، وكره سوء إدارتهم!! والحقيقة أنه لم يكن لدى الإخوان شيء يشفع لهم عند الشعب..


كانت قدراتهم -كجماعة- أضعف بكثير جدًا مما تحتاج إليه الدولة من قدرات وإمكانيات، خاصة في تلك المرحلة.. في كتابه (منطق السلطة.. مدخل إلى فلسفة الأمر)، يقول ناصيف نصار: "تبدو السلطة قيمة جذابة ومخيفة، عالية وغير مستقرة، مسببة للارتياح والرضا ومثيرة للانزعاج والنقمة، إنها قيمة ساحرة بما تمنحه وما تأخذه. فلا غرابة أن تتعارك الإرادات الخاصة حولها، وفى أن يتمسك القابض عليها ببقائها بين يديه أطول مدة ممكنة"..

إن الإخوان لم يحققوا شيئا ذا قيمة، وكان حريا بهم أن يعترفوا بعجزهم وفشلهم بدلا من تعليق السبب على شماعة الأجهزة.. ومما يدل على أنهم كانوا منفصلين عن الواقع.. ادعاؤهم أن الجماهير الثائرة لن تتجاوز بضعة آلاف، على الرغم من أن استمارات المعارضة التي جمعتها حملة "تمرد" بلغت ٢٢ مليونًا.. وكانوا مضحكين عندما ادعوا أن هذه الملايين التي خرجت في ٣٠ يونيو ليست سوى "فوتوشوب"!!

وكانوا مثيرين للشفقة والرثاء عندما أقروا -ضمنيا- بحقيقتها، لكنها -أي الجماهير- خرجت مكرهة وعلى غير رغبة منها!! أن للسلطة السياسية بصفة خاصة، بريقها وجاذبيتها، وأيضًا تأثيرها وخطورتها على الآمرين والمأمورين معا.. وبديهي أن يبلغ التأثير والخطورة مداهمًا عندما يتطرق إليها خلل، سواء من جهة الآمر أو من جهة المأمور أو من جهة الأمر نفسه، وهى هنا تتعرض للارتباك والتصدع والوهن، وقد تنتهى إلى انهيار.. أحيانًا تصيب السلطة رأسها بالعمى الجزئي أو الكلى، فلا يرى ما يراه الآخرون، على الرغم من وضوح الشيء وبروز معالمه...

وقد يلعب مستشاروه أو معاونوه دورًا في هذا العمى، فيحجبون عنه أشياء ويظهرون أشياء أخرى، فلا يرى الحقيقة أو يرى فقط جزءًا منها.. وقد يعود السبب إلى ضعف في وعي وإدراك رأس السلطة ذاته، فلا يستطيع أن يتبين الفرق بين ما هو نافع للوطن وما هو ضار به، بين ما هو مصلحة عامة ومصلحة خاصة، وبين الرؤية الكلية والرؤية الجزئية، وهكذا..
Advertisements
الجريدة الرسمية