رئيس التحرير
عصام كامل

الاسم الكهنوتي يثير أزمة نسب في الكنيسة.. تزايد معدلات شكوى الكهنة من رفض «الأحوال المدنية» تسجيل أبنائهم بـ«الاسم الكهنوتي».. البابا يتفاوض مع الدولة.. وقس: ابنتي تطالبني بالمساوا

البابا تواضروس الثاني
البابا تواضروس الثاني

قبل اندلاع ثورة يناير 2011 بأشهر قليلة صدر قانون يمنع تسجيل أبناء الكهنة بالاسم الكهنوتي، في الأوراق الرسمية، مشترطًا أن يكون اسم المولود بالاسم "العلماني"، ووقتها، القرار أحدث لغطا كبيرا، خاصة أن أوراق أبناء الكهنة تنقسم إلى ما بعد وقبل القانون.


طوال السنوات الماضية، تراجعت خلالها الأزمة خطوات عدة للوراء، وحلت محلها أزمات أخرى أشد خطورة، إلا أن الفترة الماضية شهدت تجددها، وتحديدا بعدما اتجهت الكنيسة إلى القنوات الشرعية، للفصل في الأمر، وإعادة الوضع إلى ما قبل القانون "الأزمة".

وبحسب "مصدر كنسي"- طلب عدم ذكر اسمه-، فإن الكنيسة تتحرك جديا لاستصدار قانون يمنح كهنة الكنيسة الحق في تسجيل أبنائهم بالاسم الكهنوتى، بعدما تعددت شكاوى الكهنة من رفض مصلحة الأحوال المدنية تسجيل بيانات أبنائهم بالاسم الكهنوتي لآبائهم، والاكتفاء بتسجيل الاسم الموجود في شهادة الميلاد، كما يكتب في بطاقة الرقم القومي لابن الكاهن، اسم والده بالميلاد وليس اسمه الكهنوتي، بدعوى أن الكهنة المشلوحين يتمسكون باسمهم الكهنوتي بعد الشلح.

واعتبر البعض أن القانون يفرق بين أبناء الكهنة الكبار والصغار، فإذا كان لكاهن ابنان، ولم تتم تسمية الصغير باسم والده الكهنوتي، سيصبح الابنان مختلفين في اسميهما، وكأنهما ليسا إخوة، إلى جانب أنه يصادر حق الكنيسة في اختيار الاسم الكهنوتي للكاهن.

القس أنجيلوس بطرس حنا، كاهن كنيسة الآباء الرسل الأطهار في أشروبة ببني مزار المنيا، أشار إلى أنه لديه ثلاثة أبناء قبل القانون مسجلون في الأوراق الرسمية بالاسم الكهنوتي، أما ابنته الرابعة فجاءت بعد القانون ومسجلة بالاسم العلماني، وهو ما لم تكتشفه الطفلة إلا بعد أن التحقت بالمدرسة.

خدمة الإنسان
"القانون وضع من أجل خدمة الإنسان وليس العكس".. هكذا عبر القس أنجيلوس عن اعتراضه وتضرره من القانون، مشيرا إلى أنه نوع من التمييز والتضييق على الكهنة، والتدخل في الشأن الكنسي، خاصة أن الاسم الكهنوتي، لا يعيب الدولة.

القس أنجيلوس، يرى أن الطفل يشعر بالغربة، ويؤثر فيه نفسيا، عندما يشعر أن اسم والده الكهنوتي، غير مرحب به في الأوساط الرسمية كالمدرسة وكغيرها، خاصة بعد أن يكون اعتاد على الاسم الكهنوتي في البيت والكنيسة، ثم يكتشف اسم والده المسجل في شهادة الميلاد في أول أيام الدراسة.
ويتطلع إلى مزيد من الحرية التي اعتبر جزء منها غائبا، بمثل هذا القانون الذي يعتبر تدخلا في الشأن الكنسي، ويفرض وضعا غير محبب على الكهنة.

المساواة بين الإخوة
وقال القس أنجيلوس: "ابنتى طالبت مرارا بالمساواة مع إخوتها، وتسجيل بياناتها بالاسم الكهنوتي، وليس العلماني، وكثيرا ما رفضت كتابة اسمها في سجلات المدرسة بالاسم العلماني، وأصرت على الكتابة بالكهنوتي، حتى إن نفسيتها ساءت عندما شعرت بالتمييز، وبغربة عن ما اعتادت عليه، والدعوى التي تقول إن الاسم الكهنوتي يحدث تمييزا في المجتمع، حجج فارغة، غير مقنعة، وكان لا بد قبل طرح وتطبيق القانون أخذ رأي الكنيسة وإقناعها بالهدف المنشود، وأتوقع أن تكون هناك مفاوضات بين الدولة والكنيسة لحل مثل هذه الأزمة، لكن لا بد من شرح أو إعلان أسباب التأخير في إيجاد حل للأزمة وإنهاء اللغط.

في السياق كشف مصدر كنسي- طلب عدم ذكر اسمه- أن الكنيسة اتخذت إجراء منذ عام 2012، لرد الأمور لطبيعتها، وإعادة تسجيل أبناء الكهنة بالاسم الكهنوتي، مشددًا على أن ذلك الأمر حق دستوري، يكفل لكل مواطن تغيير اسمه أو اختيار الاسم الذي يعير عن كينونته، وأوضح أن حبيب العادلي أصدر القانون بدافع حل مشكلات الإرث، وحاليا تجدد طلب الكنيسة لرد الأمر كما كان سابقا.

تقليد قديم

في حين قال القس مكاريوس فهيم قليني، راعى كنيسة العذراء والأنبا أنطونيوس في مدينة بدر: المسيح غير بعض أسماء التلميذ وليس جميعهم، ومن هنا جاء تغيير الكنيسة الأرثوذكسية لأسماء الكهنة، وهو ما يعني أن التغيير تقليد قديم.

واقترح القس مكاريوس، الإبقاء على أسماء كهنة الكنيسة القبطية دون تغيير، مع اعتبار "القس" أو "القمص"، ألقابا كنيسة معروفة في الوسط الكنسي، مع الاحتفاظ بالاسم العلماني ببطاقة الهوية، وهو ما يحد من حالة اللغط الحادثة بسبب الأسماء، خاصة أن الأسماء تتغير من الرهبنة إلى الكهنوتية، ثم إلى الأسقفية، وهو ما يضطر الكاهن إلى تغيير اسمه أكثر من مرة – على حد قوله.

وأضاف: رغم أن القداسة مرتبطة باسم القديس الذي يحمل الكاهن اسمه، لكن في النهاية المسيح منح الشعب كله القداسة الدائمة عندما قال "كونوا قديسين كما أن أباكم قديسا"، مشيرا إلى أن مشكلات أسماء الكهنوت دائما ما تكون في أوراق الأبناء أو جوازات السفر.

وأكد القس مكاريوس، أن حل الأزمة يتمثل في الإبقاء على أسماء الكهنة في الأوراق الرسمية كما جاءت في شهادات الميلاد، مع وضع لقب "كاهن" في خانة الوظيفة، لتجنب تغيير الاسم وإحداث اللغط، كما يقترح تغيير بعض القوانين، وإعادة النظر في بعض التقاليد التي تسلمتها الكنيسة، تماشيا مع الوضع الحالي والظروف التي تعيشها مصر، لتجنب شرار الفتن الطائفية، أهمها بطاقات الرقم القومي، التي تولد احتكاك بين الموظفين، خاصة أن تأثيرها ليس كبيرا في الكنيسة، ومعرفة الشعب القبطي لكهنة الكنيسة جيدا بفضل تواجدهم الدائم وسطهم.

"نقلا عن العدد الورقي"..
الجريدة الرسمية