رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ثورة يناير المفترى عليها


أنشات حسابي على موقع التواصل الاجتماعي في يوليو لعام 2010 أي قبل الثورة- ثورة يناير المجيدة- ببضعة أشهر، وحضرت تدشين صفحة -كلنا خالد سعيد- ودعوتها للمشاركة في الوقفة السلمية التي دعت لها أن تكون في تذكار عيد الشرطة -الشريفة-، ولكن كانت الآراء متضاربة، فهناك من أيد ودعا الناس أن تشارك، وهناك من عارض وباستماتة ألا تخرج الناس إلى الشوارع والميادين.


كنت وقتها في الصف الأول الإعدادي، ولكني مازلت متذكرا كل حدث وقتها، لا شك أني في بادئ الأمر كنت حزينا على تلك الأجازة -إجازة نصف العام الدراسي- التي ستضيع بسبب تلك الثورة، نعم، فالكل يبحث في كل حدث عن مصلحته فقط، ولا يهتم بأي شيء آخر، ولكن كانت للأيام والأحداث رأي آخر.

أول أيام الثورة، كانت عائلتي تحاول قدر المستطاع أن تؤمن لي ولأخواتي كل الاحتياجات اللازمة في البيت، خوفًا من ألا نستطيع فيما بعد أن نشتريها، وصرنا نتجمع حول التلفاز طوال الوقت، لنعرف ماذا سيحدث وماذا يحدث.

أتذكر الإنذارات التي كان يتلوها المذيعون في كل حوار وكل نشرة، بأن كل من يعلم أحد في الميدان عليه أن يتصل به حالًا ليخبره أن يعود للمنزل، لأن "البلطجية" في الطريق إلى ميدان التحرير، وعلى الجميع أخذ الحذر واتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين أنفسهم وممتلكاتهم.

ربما أكون منتميا لفكرة ثورة يناير، لكني أقسم أنني لم أشارك بها، بالرغم من أن كثيرين حتى ولو لم يذهبوا للميدان ولو لبضع دقائق، يخرجون يوميًا في مقالاتهم أو حديثهم لأي مؤسسة إعلامية أو صحفية، يتحدثون عن صولاتهم وجولاتهم في الميدان والثورة المجيدة.

لكني مازلت مقتنعا اقتناعا تاما، أن ما حدث في الخامس والعشرين من يناير، وحتى بعد الحادي عشر من فبراير لبضعة أيام هو أفضل ما حدث في تاريخ مصر الحديث، ففي تلك الأيام ظهرت صفات ربما لم نكن ندركها أو نشعرها من قبل، "الانتماء، حب البلد، الخوف على مستقبل الجيل الجديد"، وأشياء كثيرة أخرى، وبالعكس أيضًا، شعرنا أن المصريين في الأوقات العصيبة يتحدون في وجه كل أحد من الممكن أن يتهجم على أي بيت في بيوت المحروسة.

أتذكر تلك اللجان الشعبية التي كان ينظمها شباب كل منطقة لتأمينها ضد كل بلطجي، وكل من يحاول اقتحام المنطقة ليخربها، وبالعكس، ربما في تلك الأيام كنا نشعر أننا مؤمنون أكثر من أي وقت سابق أو لاحق.

ولأول مرة في التاريخ، نرى شعبًا عندما أنهى ثورته جعل المكان نظيفًا خلفه، وإلى هنا كانت الحكاية جميلة، حدوتة مصرية "كما حكاها منير"، ولكن المهزلة كانت من بعد ذلك.

خرج كثيرون لم يفعلوا في دنياهم، سوى التشويه في مؤسسات الدولة، رغم أن الثورة لم تقم لذلك، بل لتطهير المؤسسات الفاسدة فقط، فنحن ربما نثور ضد أنظمة وضد فساد نعيشه، لكن الأكيد، أننا لا نكره الوطن، ولا نستحل خرابه.

أتذكر جملة لمثلث الرحمات الطوبى قداسة البابا المتنيح شنودة الثالث عندما قال: "مصر وطن لا نعيش فيه، بل يعيش فينا"، ولكن المهزلة أن يهاجم البعض ثورة يناير، بسبب أن بعض أتباعها سلكوا طرقًا ربما تكون مخلة في نظر البعض أو نظر الكل أحيانًا، أو أن يغفل البعض عن حقائق جميلة عشنا معها خلال الثماني عشر يومًا أثناء تلك الثورة المجيدة.

ربما لا أتعجب من تغيير البعض لمواقفهم تجاه ثورة يناير، بسبب أن البعض اتخذوا منها سبوبة مثلما فعلوا بعد الثالث من يوليو -وبالمناسبة أنا مع ثورة يونيو- ولكن، لم أكره أي ثورة منهما، لأن في كل ثورة يكون هناك مميزات وحياة جديدة يبحث عنها المجتمع في كل خطوة يحاول أن يأخذها تجاه مستقبل أفضل ومشرق.

لا يسعني سوى أن أقول احترموا ثورة يناير وشهداءها الذين ماتوا كي نحيا نحن حياة أفضل، ولا تحاسبوهم على أخطاء بعض من شوهوا مصر والثورة أيضًا، ورحم الله شهداء مصر سواء من ثائري يناير أو شهدائها البواسل والذين يستشهدون يوميًا في الحدود أو الحرب على الإرهاب.
Advertisements
الجريدة الرسمية