رئيس التحرير
عصام كامل

المناهج الدراسية ومقاومة الفكر المتطرف


لا شك أن الحرب على الإرهاب هي حرب أساسها محاربة الفكر الملوث الذي طال البعض من العقول التي انساقت وراء آخرين يروجون لفكر يوافق دوافع الأفراد، ولهذا فإن كل من تبنى هذا الفكر هو في النهاية يؤمن بقضية ويتحفز لها ويريد أن يحقق هدفه ولو كلفه ذلك حياته وحياة الآخرين طالما كان هناك القدوة التي يقتدى بها.


إن الحرب هنا حرب مختلفة تناقش الدوافع الإنسانية لتحقيق شيء ما ناتج من إدراك مشوه صنعته فتاوى مضللة من مصادر معيبة، لأننا سمحنا للأسف أن تنمو هذه المصادر بيننا لتغيير عقول البعض وتدفعهم إلى تدمير أنفسهم وتدمير الآخرين عبر إيهامهم بأنهم يؤدون مهمة مقدسة، ولكنها للأسف إفساد في الأرض الذي خلقها الله تعالى لكى يعمرها الإنسان، ويحقق هدف الله فيها، وليس لأن يكون عدوا لنفسه وعدوا للآخرين.

استئصال الأورام من الجسد مطلوب مع ما وجود الجهود الرامية لمناقشة الأفكار وما يدركه الفرد تجاه نفسه والآخرين وما يروج له العدو في الخارج ومن يواليه، من محاولات الدفع بحروب الجيل الرابع التي لا يتكلف فيها العدو شيئًا سوى أنه يدفع في المجتمعات الأفكار السامة التي تشق الصفوف، وتخلق الكيانات السرطانية التي تقود المجتمع لحرب مستمرة، يرى فيها العدو نتاج عمله وهو لم يدفع ثمنًا لرصاصة واحدة بل هو المنتفع من بيع السلاح للطرفين؛ لأنه في كل الأحوال هو صاحب المصلحة.

تغيير الفكر لن ينطوي بالمنطق على المناهج الدراسية فقط، إنما ينطوي على جهات أخرى بالتأكيد، وأول جهة هي الأسرة وهي الخلية الأولى لصنع الجيل القادم بما تعلمه وتربيه ليحترموا أنفسهم فيحترمهم الآخرون، وتتعدل المفاهيم التي يدركونها نحو الهدف من الحياة وما هو المطلوب منهم لكي نرى بهم المستقبل الأفضل.

تحية واحترامًا لجهود جيشنا وشرطتنا الأبطال في استئصال منابع الإرهاب وتدمير مقدراته التي أودت بالدول إلى الفوضى، ويقدر الشعب كله ما يعملونه مع ضيق الإمكانيات، إلا أن الإرادة المصرية للجميع اتفقت على هدف واحد هو اجتثاث كل الجذور الخربة التي أفسدت الحياة وأعطت صورة غير سليمة للمسلمين تحت مسميات جماعات عدة، تسعى إلى تدمير صورة الإسلام في رداء الإرهاب الذي حرمه الله تعالى لحرمة الإنسانية على وجه الأرض.

إننا معًا ضد كل من يسعون في الأرض فسادًا، وعلينا أن نصلح ما دمنا أحياء، علينا أن نغير الفكر ونربي قبل أن نعلم أبناءنا أن الإنسان ليس مفسدًا لحياته وحياة الناس، فالإنسان ما هو إلا قيمة مضافة بالخير والعمار على الأرض.
الجريدة الرسمية