رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

وجون وجون وجون


إسرائيل في يوم عيد لكن مصر أحرزت هدفًا في يوم عيدها.. هناك سعادة وهنا سعادة أكثر، والمصالح تلتقي والعقلية المصرية تعثر بذكاء على اللغة العالمية التي غابت أو غيبت، أو كنا نتلعثم في نطقها، وهكذا أطفأ الرئيس عبد الفتاح السيسي حقولا عديدة من آبار القلق الشعبي، بظهوره أمس ضاحكًا مستبشرًا، شارحًا وموضحًا، غير عابئ بتجار الشعارات..


عابئ فقط بكم دولارًا يدخل الخزينة المصرية، وكما حسبها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد توقيع صفقة توريد غاز من بلاده إلى شركة مصرية، وقد خرج مسرورًا سعيدًا بالخمسة عشرة مليار دولار التي ستدخل خزينة الدولة الإسرائيلية من التعاقد مع شركة خاصة مصرية، فإن الرئيس اختار التوقيت المناسب جدًا والظرف المناسب جدا، لكي يعلن أن تسييل الغاز الإسرائيلي والقبرصي واليوناني واللبناني في شرقي المتوسط، يجعل مصر مركزًا للطاقة..

وهو حلم اعترف الرئيس أنه ظل يعمل عليه طيلة السنوات الأربع الماضية، وليس لهذا الكلام إلا معنى واحدًا وهو انتهاء عصر العشوائية السياسية في الاقتصاد والقرار، وطبيعي أن أي عشوائية تسقط حين تكون هناك رؤية، والرؤية تستلزم التفكير والدراسة وتحديد الأهداف بمراحلها العاجلة والوسطى والبعيدة ووضع الخطط وتعبئة الإمكانيات السياسية والموارد، وتسخير الموارد في اتجاه مجموعة الأهداف.

هذه العقلانية السياسية التي أديرت في تكتم، بين القاهرة وإسرائيل، تمثلهما الشركتان الخاصتان، اختارت الوصول إلى النتائج بغض النظر عن الضوضاء المنتظر انفجارها عقب الإعلان عن الصفقة.. من الصحيح منطقًا وعقلا أن الصفقة التي هي عيد لإسرائيل، وجول لمصر، لم تتم، في ظنى، بعيدًا عن عين وعقل ولسان الحكومتين المصرية والإسرائيلية، وهو ما يمكن استنتاجه من مجمل التصريحات والتعليقات ومما قفز عليه الرئيس أمس قفزًا وهو يتحدث ويشرح أبعاد صفقة التوريد والتسييل وما ستكسبه مصر! قال: هناك أمور لا تقال.

وفي ظنى أيضًا، وفي ذلك يذهب معلقون كثيرون، إلى أن الصفقة التي واجهتها الشركتان، وفقًا للقوانين في البلدين، تحسبت، على نحو ما، لملياري دولار مستحقة على مصر بعد التحكيم الدولي لصالح إسرائيل، بعد تعثر توريد الغاز المصري لإسرائيل منذ أحداث ٢٥ يناير٢٠١١.

ولا توجد تفاصيل كافية كيف سيتم ذلك تأجيلا أم إسقاطًا أم تخفيفًا أم تشغيلا في عمليات الإسالة والنقل إلى أوروبا.. المهم، واللافت للنظر فيما جرى أن القطار المصري داهم ومنطلق ولا يكترث بالصغار ولا بالصغائر، وعارف هدفه، وأبعاد تحركاته، بل إن هذا القرار رتب من العدو الأول ومن العدو الثاني ومن العدو الأخير، وحين نجحت مصر في ترتيب منازل العداوة، فإنها حيدت إسرائيل، بفعل معاهدة السلام وبفعل التفهم الذي تبديه إسرائيل تجاه عمل القوات المصرية وإعدادها وعتادها في منطقة هي بحكم المعاهدة لا تتيح لمصر الوجود بكثافة، قد تراها إسرائيل تمهيدًا لحرب أو عدوان!

حرص مصر على السلام طيلة أربعة عقود، وفر الأرضية التي مكنت القوات من العمل بحرية، وتأتي اتفاقية استيراد الغاز الإسرائيلي وإسالته في معاملنا ونقله إلى أوروبا عبر أنابيبنا، لتدعم نظرية تحييد إسرائيل، بل توسيع المسافة بينها وبين تركيا، وربط مصالحها الاقتصادية المباشرة بدولة قوية رشيدة مستقرة تمسكت بالسلام منهجًا ولا تزال.

من أجل هذا يجن جنون تركيا وقطر، وسوف تحرز مصر هدفًا ثانيًا وثالثًا، إذ تدرس قبرص وتدرس اليونان المقترحات والعروض المصرية باستخدام المعامل المصرية في دمياط للتسييل، ونقله إلى أوروبا عبر الأنابيب المصرية.

وربما انتبه بعض الناس وربما لم ينتبهوا إلى إشارة خاطفة من الرئيس بأنه يبني على ما فعله من سبقوه، وهذه إشارة إلى البنية الأساسية التي أقيمت في عهد الرئيس الأسبق مبارك والوزير المظلوم سامح فهمي، حين أقيمت مصانع الإسالة والتكرير في دمياط عام ٢٠٠٧، وتكلفت سبعة مليارات دولار.

كانت الرؤية المصرية مستشرفة، وها هي الأيام تبرهن أن كل من أعطى مصر سيذكره التاريخ، وكلها أهداف نحرزها لصالح الوطن.

فعلا أحرزنا "جون وجون وجون"، وسنواصل إحراز الأهداف، وستعلو مصر قامة وقوة.
Advertisements
الجريدة الرسمية