رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عندما غاب العقل والوعي (٢)


كان الإعلان الدستوري الكارثي الذي أصدره الدكتور مرسي في ٢١ نوفمبر ٢٠١٢، هو الشرارة الأولى التي فجرت ثورة ٣٠ يونيو.. فقد تصورنا أننا بعد ثورة ٢٥ يناير قد انتهينا من آخر الفراعين، فظهر لنا فرعون جديد.. والواقع أن مرسي لم يكن هو من أصدر الإعلان، لكن أصدره هؤلاء القابعون في مقر مكتب الإرشاد بالمقطم..


وقد أدرك الشعب المصري أن د. مرسي لا يحكم ولا يدير شئون البلاد، وإنما أناس آخرون يدين لهم بالسمع والطاعة.. وقد كان هؤلاء يعتبرونه ومن معه بقصر الاتحادية، شعبة من شعب الإخوان!، ومن يومها اندلعت التظاهرات التي شملت الآلاف، بل عشرات- إن لم يكن مئات - الآلاف..

وفي ٥ ديسمبر، وقعت مجزرة قصر الاتحادية التي أظهرت ممارسة الإخوان ومناصريهم للعنف.. كان فشل الإخوان واضحًا وهم في قمة هرم السلطة في إدارة الأزمة مع القوى السياسية.. فقد كانت الأخيرة تطالب بأمور، كان من الممكن الاستجابة إليها بأقل التكاليف والأعباء، وبذلك يثبت الإخوان للجميع مدى حرصهم على وحدة الجماعة الوطنية، التي تمثل الركيزة والأساس لأي نهضة أو تقدم..

لكن ماذا تصنع مع الكبر والغطرسة والغرور والتعالي، فضلا عن عدم الاستماع للآخرين؟ لقد تضمنت المطالب:

أولا: إقالة حكومة هشام قنديل.. تلك الحكومة الهزيلة والمتواضعة والفاقدة للرؤية، ثانيا: تغيير النائب العام (الخصوصي) الذي تم تعيينه على خلاف القانون، وثالثا: تغيير بعض مواد دستور ٢٠١٢ المختلف عليها..

وقد حرص المجلس الأعلى للقوات المسلحة- بقيادة "السيسي"- أن يبعث برسائل واضحة تحذر من مغبة تجاهل مطالب المعارضة، في محاولة منه لاستدراك ما فات ومعالجة ما وقع، وما سوف يترتب على هذا من آثار وتداعيات.. فقد عرض "السيسي" وأحمد جمال الدين (وزيرا الدفاع والداخلية آنذاك) على د. مرسي أن يكون هناك اجتماع عاجل لتبديد سحب الغيوم بين الإخوان والمعارضة، فوافق د. مرسي على ذلك، ثم جاءت إشارة من مكتب الإرشاد بالرفض قبل عقد الاجتماع بساعة واحدة، وهو ما وضع الرجلين ساعتها في موقف حرج للغاية..

بعد ذلك عرض "السيسي" على د. مرسي أسبوعا، ثم ٤٨ ساعة لتسوية الأمور بعد أن وصل العنف مداه، وارتفعت أصوات الشعب تستغيث وتستنجد بالجيش.. وما كان الأخير ليتخلف عن أداء دوره في الحفاظ على أمن مصر القومي.. فقد انحاز إلى الشعب في ثورة ٢٥ يناير، وانحاز إليه مرة ثانية في ثورة ٣٠ يونيو، وكما أطاحت الأولى بالرئيس المنتخب "مبارك"، أطاحت الثانية بالرئيس المنتخب "مرسي".. لذا، لم يكن "السيسي" يتحين الفرصة كى ينقض على السلطة كما يزعمون.
Advertisements
الجريدة الرسمية