رئيس التحرير
عصام كامل

عزة عامر تكتب: جناح بعوضة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

هل تستقيم الحياة للإنسان يومًا ما، أم ستظل على عنادها معه يوم له ويوم عليه؟ وهل يتساوى في هذا كل البشر، أم هناك أناس يأخذون من الحياة كل ما يريدون رغمًا عنها، وآخرون مستسلمون لها دون أدنى مقاومة؟ وآخرون بين هذا وذاك! وإذا كان كل شئ في هذه الدنيا بيد القدير وحده فلماذا إذن كل هذا القتال بين البشر إذا كان كل منا يعلم أنه جاء إلى الدنيا بأمر الله، وسيغادرها بأمرالله؟!، وإذا كان الموت هو الحقيقة المؤكدة في حياتنا فلماذا نهرب منها ونخشاها!.


ولا أصدق من يقول إنه لا يرهب الموت أو يهابه، وإلا فلما نخشى الطريق ونحن نعبره، ونتلفت يمينًا ويسارًا خوفًا من الحوادث أليس هذا خوفا منه؟! ولماذا نخشى المشاحنات والحروب؟، ولماذا يهرع الإنسان إلى الطبيب عندما يمرض وكيف تكون حالته إذا أخبره الطبيب أنه مريض بمرض خطير قد يودي بحياته، ففي تلك اللحظة تهون عليه أمواله ومنصبه والدنيا بأسرها وكأنه أصبح إنسانًا آخر يهرع إلى ربه يدعوه ليلًا ونهارًا أن يشفيه.

وإذا كان الإنسان بهذا الضعف ولا يملك لنفسه شيء، إذن فلماذا كل هذه المفارقات، فكيف له وهو يخشى الموت يصنع الأسلحة والصواريخ والمخدرات؟، وكلها أدوات تحمل بين طياتها الموت ربما ينجو! ولكن إذا كان يغامر بحياته بإرادته، فلماذا الخوف من الموت؟؟!
وهنا السؤال يطرح نفسه هل يخاف الإنسان من الموت نفسه أم مما وراء الموت؟؟.

فبطبيعة الحال يخشى الإنسان المجهول، ولكن في نفس الوقت نجد أناسا آخرون لاتهاب قلوبهم الموت، أناس أحبوا الله ورسوله وفهموا أن الإسلام أن تسلم نفسك وروحك لله فقدموا كل ما يملكون في دنياهم ليكون المصباح الذي يهتدون به في المجهول الذي آمنوا به وبدلًا من الخوف منه أعدوا له فسكنت الطمأنينة قلوبهم، ولا يظهر على وجوههم سوى الرضا الذي تحسدهم عليه الفئة الأخرى، وإذا كنا نعرف أن هذا هو الطريق لله، فلماذا إذن نبتعد عنه بل ونهرب منه ونسد آذاننا؟.

ثم نظل نبحث فنجد من يموت منتحراّ، ومن مات وهو على قيد الحياة فهل هذه هي فلسفة الموت أم غرور الإنسان؟
فالحقيقة المؤكدة التي يعرفها الإنسان أن لن يقدر عليه سوى الموت، فلماذا الغرور والاطمئنان بالدنيا والتي لا تساوي أكثر من جناح بعوضة!!
الجريدة الرسمية